ما هي الحكومة الإلكترونية؟ (المزايا والتحديات)
في عصر أصبحت فيه المعرفة هي الثروة الحقيقية للمجتمعات وفي عالم أصبح فيه الوصول إلى المعلومة ومعالجتها أمرا في متناول الجميع، وفي خضم هذا العالم المتغير باستمرار الذي باتت فيه التكنولوجيا تحدد طريقة عيشنا وأسلوب عملنا ونمط حياتنا، كان لزاما على حكومات الدول سواء المتقدمة منها أو النامية اللحاق بالركب واعتماد التحول الرقمي في سياساتها وطريقة اشتغالها وتفاعلها مع المواطنين والمؤسسات، وبذلك ظهر ما يعرف بـ “الحكومة الإلكترونية”.
فماذا تعرف عن الحكومة الإلكترونية؟ وما الغاية منها؟ ثم ما هي فوائدها على المواطنين والمجتمعات وعلى اقتصاد البلد؟ وماهي سلبياتها؟ أسئلة وأخرى سنحاول الإجابة عنها بالتفصيل في هذا المقال.
قائمة المحتويات:
ما هي الحكومة الإلكترونية ؟
يشير مفهوم حكومة إلكترونية – e-government إلى استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحسين أداء الوظائف والخدمات الحكومية وتزويد المواطنين والشركات والموظفين الحكوميين بوصول ملائم إلى المعلومات والخدمات المرجوة وتعزيز فرص المشاركة الديمقراطية.
تعرف الأمم المتحدة الحكومة الإلكترونيه بأنها:
استخدام الإنترنت والويب لتقديم الخدمات والمعلومات الحكومية للمواطنين.
ويعرف البنك الدولي الحكومة الإلكترونية بأنها:
استخدام الحكومة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات (مثل الشبكات الواسعة والإنترنت والحوسبة النقالة)، التي لديها إمكانية إحداث تغيير في العلاقة مع المواطنين وقطاع الأعمال وباقي الجهات الحكومية. ويمكن لهذه التكنولوجيا أن تخدم العديد من الأهداف مثل: تقديم خدمات أفضل للمواطنين؛ وتفاعل أفضل مع قطاع الأعمال والصناعة؛ وتمكين المواطنين بفضل النفاذ إلى المعلومات؛ وإدارة حكومية أكثر فعالية.
أما منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) فتعرف الحكومة الإلكترونية بأنها:
استخدام الحكومة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة وتطبيقها على جميع الوظائف الحكومية. وعلى نحو أكثر دقة يمكن لتكنولوجيا الإنترنت وما يرتبط بها أن تقدم إمكانات التشبيك التي تدعم تحول الهيكليات والعمليات الحكومية.
باختصار فإن معظم تعريفات الحكومة الإلكترونية المتداولة يمكن إيجازها في 4 ركائز كما حددتها أكاديمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أجل التنمية لقادة القطاع الحكومي في المنطقة العربية ESCWA، وهي:
- استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (شبكات الحاسوب – الإنترنت – أجهزة الفاكس – الهواتف)؛
- دعم الأعمال الحكومية (تقديم معلومات – تقديم خدمات – إدارة حكومية داخلية)؛
- تحسين العلاقة بين المواطن والحكومة (عن طريق إيجاد قنوات تواصل جديدة أو تحفيز تفاعل المواطنين مع العملية السياسية أو الإدارية)؛
- اتباع استراتيجية موجهة تقدم قيمة مضافة للمشاركين فيها.
تجدر الإشارة أن مصطلح الحكومة الإلكترونية يعرف أيضا بأسماء أخرى مثل “الحوكمة الإلكترونية”، “الحكومة الرقمية”، “الحوكمة الرقمية” ..الخ.
اقرأ أيضا: إنترنت الأشياء .. ماذا تحقق وماذا ينتظرنا ؟
ما أنواع الخدمات المقدمة من الحكومة الإلكترونية؟
أدى تعدد خدمات الحكومه الالكترونيه إلى ظهور أنواع مختلفة من الحكومة الالكترونية، والتي يمكن تصنيفها إلى أربع فئات رئيسية وهي:
- حكومة -إلى- مواطن (G2C) : تقدم الخدمات والمعلومات للمواطنين.
- حكومة-إلى-أعمال (G2B): تبسط جميع أشكال العلاقة والتواصل بين الحكومة وقطاع الأعمال.
- حكومة- إلى- حكومة (G2G): تدعم تشارك المعلومات والتعاون داخل أي جهة حكومية أو بين الجهات الحكومية المختلفة.
- حكومة- إلى – موظف (G2E): تنسق الإجراءات الداخلية وتحسن الإنتاجية عن طريق تطوير الإدارة العامة وتحسين التواصل بين الموظفين الحكوميين.
خدمات الحكومة الموجهة للمواطنين G2C:
يعد تطبيق G2C أكثر أنواع الحكومة الإلكترونية شيوعًا ، وهدفه الأساسي هو خدمة المواطنين من خلال جعل المعلومات العامة أكثر سهولة من خلال استخدام مواقع الويب وتقليل الوقت والتكلفة لإجراء المعاملات.
يمكن لمبادرات G2C ربط المواطنين الذين قد لا يتواصلون مع بعضهم البعض بطريقة أخرى، وتسهيل وزيادة مشاركة المواطنين في الحكومة، ودعم المساءلة والديمقراطية وتحسين الخدمات العامة.
خدمات الحكومة الموجهة لقطاع الأعمال G2B:
يتضمن تطبيق G2B مختلف الخدمات المتبادلة بين الحكومة وقطاع الأعمال، مثل الحصول على المعلومات التجارية الحالية، واللوائح الجديدة، وتنزيل نماذج الطلبات، وضرائب السكن، وتجديد التراخيص، وتسجيل الشركات، والحصول على التصاريح، وغيرها الكثير.
تحقق معاملات G2B كفاءات كبيرة لكل من الحكومات والشركات، وتعزز كفاءة وجودة الاتصالات والمعاملات مع هذه الشركات، وتزيد من المساواة والشفافية في التعاقدات والمشاريع الحكومية.
خدمات الحكومة الموجهة للحكومة G2G:
يشير تطبيق G2G أو الحوكمة في القطاع الحكومي إلى الاتصالات عبر الإنترنت بين المنظمات والإدارات والوكالات الحكومية بناءً على قاعدة بيانات حكومية فائقة. يهدف تطوير G2G إلى تعزيز وتحسين العمليات التنظيمية بين الحكومات من خلال تبسيط التعاون والتنسيق.
وقد أدى استخدام تقنيات المعلومات من قبل الوكالات الحكومية المختلفة لمشاركة المعلومات أو جعلها مركزية أو أتمتة العمليات التجارية الحكومية الدولية وتبسيطها إلى ظهور حالات عديدة من توفير الوقت والتكلفة وتحسين الخدمات.
خدمات الحكومة الموجهة إلى الموظف G2E:
تطبيق G2E يشير إلى العلاقة بين الحكومة وموظفيها فقط، ويهدف إلى خدمة الموظفين من خلال تقديم بعض الخدمات عبر الإنترنت مثل التقدم عبر الإنترنت للحصول على إجازة سنوية، والتحقق من رصيد الإجازة، ومراجعة سجلات دفع الرواتب…
G2E هي طريقة ناجحة لتوفير التعلم الإلكتروني، وجمع الموظفين معًا، وتشجيع تبادل المعرفة بينهم. إنه يمنح الموظفين إمكانية الوصول إلى المعلومات ذات الصلة فيما يتعلق بسياسات التعويضات والمزايا، وفرص التدريب والتعلم، والسماح لهم بالوصول لإدارة مزاياهم عبر الإنترنت باستخدام نموذج اتصال سهل وسريع.
ماهي مزايا الحكومة الالكترونية؟
يمكن للحكومه الالكترونيه أن تعود بالنفع على المجتمع بشكل كبير من خلال زيادة الكفاءة وتحسين الخدمات وتوفير وصول أفضل إلى الخدمات العامة، كما تسمح بمزيد من الشفافية والمساءلة في العمليات الحكومية. وفيما يلي قائمة لبعض المزايا التي يمكن أن تقدمها الحكومه الإلكترونيه:
1. تحسين الكفاءة:
رفع جودة وكفاءة تقديم الخدمات الحكومية، وتخفيض كلفة تقديمها، وتخفيف العبء الإداري على المواطنين وقطاع الأعمال، وتخفيض زمن تنفيذ الإجراءات،
وزيادة مشاركة المواطنين في آلية اتخاذ القرار، والارتقاء بالشفافية.
2. بناء الثقة:
تساهم الحكومة الإلكترونية في بناء الثقة بين المواطن والحكومة، وذلك بتعزيز التفاعل المباشر وجعل المعلومات متاحة بشكل أفضل وأسهل.
3. إصلاح الإدارة:
في السنوات الأخيرة، اعتبر تقديم الخدمات بجودة أعلى أحد أهم أهداف إصالح الإدارة العامة، كما أن استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحسين الخدمات شكل دافعا رئيسيا لنشاطات الحكومة الرقمية. وبصورة أكثر تحديدا، فإن استخدام الإنترنت قد ساهم في تقديم خدمات مبسطة ومتمحورة حول الزبون/ العميل، تتجاوز هيكليات الإدارة الحكومية.
4. تحقيق نتائج أفضل في عدة قطاعات حيوية:
من حيث المبدأ يتمثل دور الحكومات والإدارة العامة في تقديم نتائج أفضل على مستوى السياسات في في مجالات الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية والأمن، في حين تعد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عاملا حاسما في تطوير النتائج في مختلف هذه المجالات، ويعتبر استخدام الإنترنت لتقديم قيمة مضافة في المجالات السابقة أحد أبرز اهتمامات الحكومات المختلفة.
5. نتائج اقتصادية جيدة:
تساهم الحكومة الإلكترونيه بشكل مباشر في تحسين اقتصاد البلد من خلال المساهمة في تطوير الإنتاج في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وانتشار التجارة الإلكترونية، في حين أن هناك تأثيرات غير مباشرة تتمثل في الحد من المتطلبات المالية بسبب كفاءة وفعالية العمل في البرامج الحكومية التي ستنعكس على النمو الاقتصادي.
اقرأ أيضا: ما هو blockchain ؟ وكيف يمكن أن يغير حياتنا؟
ما هي تحديات الحكومة الإلكترونية؟
على الرغم من المزايا العديدة التي توفرها الحكومه الإلكترونية، إلا أن هناك بعض العيوب أو بعض التحديات التي يمكن أن تواجهها الدول في الانتقال الرقمي، على سبيل المثال:
1. الفجوة الرقمية بين المواطنين:
أحد التحديات الرئيسية للحكومة الإلكترونية هو عدم المساواة في الوصول العام إلى الإنترنت، فرغم أن العديد من المواطنين لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت، إلا أن هناك من لا يستفيذ من هذه الخدمة إلى حدود اليوم، خاصة في البلدان النامية.
لذا، يمكن لهذا الأمر أن يخلق فجوة رقمية، حيث لا يتمكن بعض المواطنين من الوصول إلى الخدمات أو المعلومات الحكومية عبر الإنترنت.
الأمم المتحدة: ثلث سكان العالم بدون إنترنت في 2023
2. موثوقية المعلومات:
تعد موثوقية المعلومات على الويب مصدر قلق أيضًا؛ فقد لا يتمكن المواطنون من التمييز بين المعلومات الدقيقة وغير الدقيقة، مما يمكن أن يؤدي إلى معلومات مضللة وآراء عامة متحيزة.
3. الهجمات الإلكترونية :
تعد الهجمات الإلكترونية تهديدا دائما للأنظمة الرقمية، لذلك فحتى الحكومات الإلكترونية قد لا تسلم من هذا التهديد.
يمكن أن تعرض الهجمات الإلكترونية المعلومات الحساسة للخطر وتقوض ثقة الجمهور في الحكومة. لذلك يجب تصميم أنظمة حكومة إلكترونية بشكل يراعي الأمان لمنع هذه الأنواع من الهجمات.
4. الأجندات الخفية :
هناك أيضًا مخاوف من أن الجماعات الحكومية قد يكون لديها أجندات خفية يمكن أن تؤثر على الآراء العامة وتحيزها. لذا يجب تصميم أنظمة الحكومه الإلكترونيه لمنع حدوث ذلك وتعزيز الشفافية والمساءلة.
5. التكلفة :
على الرغم من إنفاق مبلغ كبير من المال على تطوير وتنفيذ الحكومة الإلكترونية، إلا أن نتائج وتأثيرات الحكومات التجريبية القائمة على الإنترنت غالبًا ما تكون صعبة القياس أو غير مرضية.
فالتكنولوجيا تتغير باستمرار، وإذا أصبحت التكنولوجيا قديمة، يمكن أن تمنع فعالية الحكومة الإلكترونية، وبالتالي يحتاج اعتماد أي منصة تكنولوجية إلى تقييم دقيق ومتوازن، ليس بناء على ما هو مطلوب الآن، ولكن أيضا على ما يتطلبه المستقبل.
خلاصة:
في الختام يمكن أن نقول بأن الحكومة الإلكترونية هي أكثر بكثير من مجرد أداة لتحسين نسب التكلفة والجودة في الخدمات العامة. إنها أداة إصلاح وأداة لتغيير الحكومة. وبالتالي، فإن الحكومة الإلكترونية لا تتعلق في المقام الأول بأتمتة الإجراءات الحالية (والتي قد تكون فعالة أو لا تكون فعالة)، ولكنها تتعلق بتغيير الطريقة التي تدير بها الحكومة أعمالها وتقدم خدماتها.
المصادر
الأمم المتحدة _______ البنك الدولي _________ منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)
اقرأ أيضا: