كيف يُحدث الذكاء الاصطناعي نقلة نوعية في تشخيص الأمراض؟
هل تخيلت يومًا أن يتمكن الذكاء الاصطناعي من تحديد الأمراض في الأنسجة البشرية والحيوانية بدقة تفوق الخبراء؟ ماذا لو أخبرناك أن هذا ليس مجرد خيال علمي، بل أصبح واقعًا يمكن أن يُحدث ثورة في مجال الأبحاث الطبية والتشخيص؟ هذا ما حققه فريق علمي من جامعة واشنطن ستيت بتطوير نموذج ذكاء اصطناعي يعتمد على تقنية “التعلم العميق”، ليقوم بتحليل صور الأنسجة والكشف عن الأمراض بشكل أسرع وأكثر دقة من البشر.
كيف يعمل هذا الابتكار؟
يعتمد النموذج على تحليل صور الأنسجة البشرية والحيوانية بدقة فائقة باستخدام تقنية “التعلم العميق”، التي تتجاوز حدود التعلم الآلي التقليدي. صُمم هذا النموذج ليتعامل مع الصور ذات الدقة العالية جدًا، التي تحتوي على مليارات من البيكسلات، وذلك من خلال تقسيمها إلى أجزاء صغيرة لتحليلها بشكل دقيق.
وللحد من تأثير حجم البيانات الضخم، يوازن الذكاء الاصطناعي بين تحليل التفاصيل الدقيقة ووضعها في سياق الصورة الكاملة، مما يشبه عملية التكبير والتصغير باستخدام المجهر.
نتائج مذهلة تفوق التوقعات
اختُبر هذا النموذج باستخدام صور لأنسجة حيوانية وبشرية أُخذت من دراسات سابقة، مثل تلك التي تناولت أمراض السرطان وانتشارها في العقد اللمفاوية. وجاءت النتائج مذهلة، حيث تمكن الذكاء الاصطناعي من تحديد الأمراض بسرعة تتفوق على النماذج السابقة، وفي بعض الحالات، اكتشف تفاصيل غابت عن أعين الفرق البشرية المدربة.
قال الدكتور مايكل سكينر، أحد الباحثين المشاركين:
“هذا النموذج دقيق للغاية وقد يُحدث ثورة في الطب البشري والحيواني، مسرعًا العمليات البحثية والتشخيصية بشكل غير مسبوق”.
قفزة نوعية في البحث العلمي والتشخيص
التشخيص التقليدي للأمراض كان يتطلب ساعات طويلة من العمل اليدوي الدقيق باستخدام المجهر، وقد يمتد إلى شهور أو سنوات في الدراسات الكبيرة. أما الآن، فيمكن الحصول على النتائج نفسها في غضون أسابيع قليلة باستخدام هذا الذكاء الاصطناعي.
كما أوضح الدكتور لورنس هولدر، أحد مطوري النموذج:
“النظام الذي صممناه يُعتبر الأكثر تقدمًا مقارنة بأنظمة أخرى، وأثبت تفوقه في اختبارات متعددة”.
استخدامات متعددة وآفاق مستقبلية
إلى جانب دوره في تحسين تشخيص الأمراض لدى البشر، يفتح هذا النموذج آفاقًا واسعة في الطب البيطري، حيث يُستخدم حاليًا في تحليل عينات أنسجة لحيوانات مثل الغزلان والأيائل. كما يمكن توظيفه في تشخيص أمراض أخرى مرتبطة بالجينات مثل السرطان، طالما توفرت بيانات تدريبية مثل الصور المشروحة للأنسجة.
مستقبل مشرق للذكاء الاصطناعي في الطب
إن النموذج الذي تم تطويره في جامعة ولاية واشنطن يمثل قفزة نوعية في مجال الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته الطبية. ويتطلع الباحثون إلى استخدام هذا الابتكار في تحسين دقة التشخيصات الطبية وتقديم حلول أسرع وأكثر فعالية. لذلك فإن المستقبل يبدو واعدا، حيث يمكن أن يغير هذا النموذج الطريقة التي نفهم بها الأمراض ونعالجها. ومع استمرار التطوير، قد يصبح الذكاء الاصطناعي أداة لا غنى عنها في الكشف المبكر عن الأمراض وإنقاذ الأرواح.
المصدر: Washington State University
اقرأ أيضا: