صور مُخلة لطالبات بالذكاء الاصطناعي تُطيح بإدارة مدرسة
في حادثة أثارت جدلاً واسعاً في المجتمع الأمريكي، أُغلقت مدرسة خاصة في ولاية بنسلفانيا بعد الكشف عن فضيحة تتعلق بصور عارية مزيفة أُنشئت باستخدام الذكاء الاصطناعي. جاء الإغلاق استجابة لضغوط شديدة من الأهالي الغاضبين الذين طالبوا بمحاسبة المسؤولين على تقاعسهم في التعامل مع الأزمة بشكل جاد.
تكشفت الفضيحة عندما أبلغ أحد الطلاب بشكل مجهول عبر بوابة “Safe2Say Something” التابعة لمكتب المدعي العام في نوفمبر 2023 عن صور عارية زائفة تم إنشاؤها باستخدام الذكاء الاصطناعي، استهدفت نحو 50 طالبة في مدرسة Lancaster Country Day School.
رغم خطورة البلاغ، لم يتخذ المدير مات ميكيشي أي إجراءات فورية. واستمر الوضع لأشهر دون تدخل يُذكر، ما أتاح للجاني استهداف المزيد من الطالبات. ولم تتحرك الشرطة إلا في منتصف عام 2024 بعد تلقيها بلاغًا مباشرًا، حيث تم القبض على الطالب المتهم ومصادرة هاتفه للتحقيق في مصدر الصور.
غضب الأهالي والضغط على الإدارة
لم يكن القبض على المتهم كافيًا لتهدئة غضب الأهالي؛ فقد رفعوا دعوى قضائية تتهم الإدارة بالفشل في الامتثال لقوانين الإبلاغ الإجباري عن إساءة معاملة الأطفال. ومن خلال محامٍ متخصص، أمهلوا الإدارة 48 ساعة فقط للاستقالة، مهددين بملاحقة قانونية قد تصل إلى عقوبات جنائية.
غضب الطلاب أيضا طال الإدارة؛ فقد شهدت المدرسة الأسبوع الماضي احتجاجًا واسعًا شارك فيه أكثر من نصف الطلاب، مطالبين بإجراءات جذرية تضمن الأمان والشفافية في التعامل مع مثل هذه القضايا. وأدى الاحتجاج إلى تعطيل الدراسة ليوم كامل، مع انضمام بعض أعضاء الهيئة التدريسية إلى صفوف المحتجين.
تحت هذا الضغط، قدم مدير المدرسة ورئيسة مجلس الإدارة استقالتيهما في نهاية الأسبوع، مع الإعلان عن تعليق الدراسة يوم الاثنين لتقييم الوضع.
قبل استقالته، صرّح ميكيشي بأنه يدعم حق الطلاب في التعبير عن مخاوفهم، مؤكدًا أن “ما حدث يُظهر أننا لم نكن شفافين بما يكفي، مما زاد من ألم الطلاب وأسرهم. سنعمل سويًا لإيجاد حلول تضمن التعافي وتمنع تكرار هذا الخطأ”.
جهود تشريعية لمكافحة الصور المزيفة
تفتح هذه القضية الباب لمناقشات أوسع حول التأثير المتزايد للذكاء الاصطناعي في إنتاج محتويات ضارة، خصوصًا الصور المزيفة. في الولايات المتحدة، تدرس الحكومة الفيدرالية ما إذا كانت القوانين الحالية كافية لحماية الأطفال من هذا النوع من الانتهاكات.
يقترح بعض المشرعين قوانين جديدة تُجرّم ليس فقط إنشاء الصور غير التوافقية باستخدام الذكاء الاصطناعي، بل أيضًا توزيعها. إحدى هذه القوانين تقترح عقوبات تصل إلى 10 سنوات سجنًا وغرامات تصل إلى 150,000 دولار إذا كان نشر الصور يؤدي إلى العنف أو يعوق إجراءات حكومية.
رغم هذه الجهود، تواجه هذه التشريعات عقبات كبيرة. الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و13 عامًا ما زالوا عرضةً لخطر الوقوع ضحية لهذه الممارسات، بينما تبقى العقوبات القانونية نادرة في مثل هذه الحالات.
تجارب دولية: نموذج كوريا الجنوبية
على الصعيد الدولي، تعتبر كوريا الجنوبية مثالًا يُحتذى به. فقد أطلقت الحكومة هناك حملة صارمة لمدة سبعة أشهر لمكافحة انتشار المحتويات المزيفة، مع اعتقال مئات الأشخاص وتعزيز العقوبات على إنتاج أو توزيع الصور المزيفة. كما ضاعفت عدد المراقبين لرصد المحتوى الضار على الإنترنت.
وفقًا لخبراء قانونيين، مثل الباحثين ماري-هيلين ماراس وكينجي لوجي، فإن أحد الحلول العملية يكمن في تبني استراتيجيات قانونية تفرض مسؤولية مباشرة على المنصات الإلكترونية ومحركات البحث ومزودي خدمات الإنترنت لإزالة المحتوى الضار فور الإبلاغ عنه.
مع ذلك، أشار الباحثون إلى أن القضاء التام على الصور المزيفة قد يكون غير واقعي، لكن اتخاذ خطوات استباقية لتقييد إنشاء وتحميل هذه الصور يمكن أن يقلل بشكل كبير من الأضرار.
اقرأ أيضا: