في عصر الذكاء الاصطناعي أصبح، من الممكن قياس التغيرات في مستويات الاكتئاب غلى غرار قياس ضغط الدم أو ضربات القلب.
ففي دراسة حديثة أشرف عليها فريق من معهد جورجيا للتكنولوجيا، وكلية الطب بجامعة إيموري، وكلية إيكان للطب في ماونت سيناي، تبين أن علاج الاكتئاب بالتحفيز العميق للدماغ (DBS) يمكن أن يصبح أكثر كفاءة عند استعانته بالذكاء الاصطناعي، وذلك بعد النتائج الايجابية التي ظهرت مع 10 مرضى يعانون من يعانون من الاكتئاب المقاوم للعلاج وخضعوا جميعًا للعلاج بالتحفيز العميق للدماغ (DBS) لمدة ستة أشهر:
فكما هو معروف يتجلى دور التحفيز العميق للدماغ (DBS) في تحفيز الخلايا المناسبة، مما يعني الحصول على استجابة دقيقة. ويعتمد قياس نجاعة هذه الاستجابة حاليا على ما يعبر عنه المرضى بخصوص حالتهم المزاجية.
غير أن الحالة المزاجية للمرضى قد تتأثر بأحداث الحياة اليومية أو نتيجة للأسلاك العصبية، ما يجعل من عملية القياس مهمة صعبة.
ونتيجة لذلك، استخدم العلماء في الولايات المتحدة مزيجا من زراعة الأقطاب الكهربائية وتحليل الذكاء الاصطناعي لمحاولة تحديد التغيرات في أنماط نشاط الدماغ الناجمة عن التحفيز العميق للدماغ.
وقد تمكن فريق الدراسة، من تحديد إشارة دماغية لاستخدامها كمؤشر حيوي مرتبط بالتعافي من الاكتئاب.
توفر إشارة الاسترداد هذه مؤشرا مفيدا للغاية لمعرفة متى يكون DBS ناجعا ومتى لا يكون كذلك. وبحسب النتائج المتوصل إليها فإن الإشارة كانت دقيقة بنسبة تزيد عن 90 بالمائة في رودودها.
وحول هذه النتائج، قالت طبيبة الأعصاب هيلين مايبيرج، من كلية إيكان للطب في ماونت سيناي: “تحسنت حالة تسعة من كل 10 مرضى في الدراسة، مما يوفر فرصة مثالية لاستخدام تقنية جديدة لتتبع مسار تعافيهم”.
وأضافت مايبيرج: “هدفنا هو تحديد إشارة عصبية موضوعية لمساعدة الأطباء على تحديد متى يجب أو متى لا يجب إجراء تعديل DBS.”
هذا وبحسب الدراسة، المنشورة على موقع nature فقد تم تدريب الذكاء الاصطناعي باستخدام صور أدمغة المشاركين في بداية العملية وفي نهايتها، مما أتاح له الفرصة لاكتشاف الاختلافات العصبية التي قد لا تراها العين البشرية.
فعلى سبيل المثال، استجاب أحد المرضى بشكل جيد للعلاج لمدة أربعة أشهر قبل الانتكاس – واختفت إشارة التعافي قبل شهر من الانتكاس.
ومن شأن مثل هذه النتائج التي تم التوصل إليها بمساعدة تحليل الذكاء الاصطناعي أن تمنح للباحثين مجموعة من البيانات أفضل بكثير مما يحصلون عليه من خلال التقارير الذاتية وحدها.
لذلك، وفي المرة المقبلة عندما تظهر فيها علامة على الانتكاس (رفض العلاج)، يمكن للأطباء تعديل علاج التحفيز العميق للدماغ لتحفيز الأنسجة المناسبة.
على الرغم من أنه لازال هناك الكثير من العمل الذي ينبغي القيام به لتطوير استخدام الذكاء الاصطناعي جنبا إلى جنب مع هذه التقنيات، وعلى الرغم من أن الكثير من المرضى يرفضون زرع أقطاب كهربائية في أدمغتهم، إلا أن هذه النتائج تُظهر إمكانية حدوث تحول كبير في طريقة مراقبة الاكتئاب وفي كيفية تصميم العلاجات للأفراد.
يقول عالم الأعصاب كريستوفر روزيل، من معهد جورجيا للتكنولوجيا: “لقد أظهرنا أنه من خلال استخدام إجراء قابل للتطوير باستخدام أقطاب كهربائية أحادية في نفس منطقة الدماغ، مع الموافقة السريرية المستنيرة للمرضى، يمكننا تحسين حالة الناس”.
وأضاف “تمنحنا هذه الدراسة أيضا منصة علمية مذهلة لفهم الاختلاف بين المرضى، وهو أمر أساسي لعلاج الاضطرابات النفسية المعقدة مثل الاكتئاب المقاوم للعلاج.”
اقرأ أيضا: