كوريا الجنوبية تغرم “ميتا” 15 مليون دولار لانتهاك خصوصية المستخدمين
أمرت كوريا الجنوبية شركة “ميتا بلاتفورمز”، الشركة المالكة لـ “فيسبوك”، بدفع غرامة قدرها 21.62 مليار وون كوري (ما يعادل نحو 15.67 مليون دولار أمريكي) بعد أن وجدت هيئة حماية البيانات أن الشركة جمعت بيانات حساسة عن المستخدمين الكوريين الجنوبيين وشاركتها مع المعلنين دون موافقة قانونية واضحة. وقد شملت هذه البيانات معلومات تتعلق بالديانة، الآراء السياسية، والتوجهات الجنسية لحوالي 980,000 مستخدم، واستفاد منها نحو 4,000 معلن، مما يُعد انتهاكًا صارخًا لقوانين الخصوصية.
تأتي هذه العقوبة ضمن جهود دولية متزايدة لحماية خصوصية البيانات، حيث تحاول حكومات حول العالم فرض قيود وضوابط صارمة على شركات التكنولوجيا الكبرى التي تُتهم بتجميع واستغلال بيانات المستخدمين الشخصية لأغراض تجارية. فالبيانات الشخصية، التي تُعد بمثابة “نفط العصر الحديث”، تعتبر أداة رئيسية لتوجيه الإعلانات وتحقيق أرباح طائلة، وتُظهر قضية “ميتا” في كوريا الجنوبية كيف يمكن أن يُساء استغلال هذا المورد المهم دون رقابة صارمة.
في السنوات الأخيرة، بدأت الحكومات بتشديد الرقابة على الشركات الكبرى مثل “ميتا” و”جوجل” و”أمازون” بسبب انتهاكات تتعلق بالخصوصية. فقد سبق أن واجهت “ميتا” قضايا مماثلة في أوروبا، حيث تم فرض غرامات كبيرة على الشركة بسبب انتهاك قواعد الخصوصية المنصوص عليها في اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR)، وجرى إدانتها بتعريض خصوصية المستخدمين للخطر.
تعكس هذه الغرامات تزايد وعي الحكومات والرأي العام بضرورة حماية الخصوصية، لكنها تطرح تساؤلات أعمق حول كيفية إدارة وحوكمة البيانات في العصر الرقمي. فالبيانات الشخصية أصبحت عاملاً جوهريًا في توجيه الحملات الإعلانية، مما يحفز الشركات على تطوير تقنيات تتيح لها فهم سلوكيات وتفضيلات المستخدمين بدقة. غير أن هذا الطموح التجاري يتضارب مع الحق الأساسي في حماية الخصوصية، مما يدفع الدول إلى إعادة النظر في التشريعات لحماية حقوق الأفراد في مواجهة ممارسات “التجسس التجاري”.
ومن المتوقع أن تسهم قرارات كقرار كوريا الجنوبية في زيادة الضغوط على الشركات العالمية لتطوير أنظمة حماية أكثر شفافية وفعالية. إذ يشير خبراء الخصوصية إلى أن الوعي العالمي المتزايد يدفع المستخدمين أيضًا للمطالبة بقدر أكبر من التحكم في بياناتهم، مما يجبر الشركات على تبني سياسات خصوصية أكثر شفافية لحماية مصالحهم.
يبقى جمع البيانات الحساسة لأغراض تسويقية مسألة تثير جدلاً واسعاً، حيث يحذر المراقبون من أن استغلال البيانات المتعلقة بالآراء السياسية أو التوجهات الدينية والجنسية قد يؤدي إلى تعزيز التمييز والعنصرية، كما يساهم في تشكيل صورة سطحية وغير موضوعية للأفراد بناءً على معايير مغلوطة.
وفي الوقت ذاته، ترى منظمات حقوقية أن التساهل مع مثل هذه الانتهاكات يهدد الديمقراطية وحقوق الإنسان، حيث إن تسليع البيانات يمكن أن يؤدي إلى خلق بيئات رقمية تُمارس فيها الضغوط النفسية، والاستغلال، وترويج محتويات تخدم مصالح تجارية دون اعتبار لحماية الأفراد.
يبرز قرار كوريا الجنوبية ضد “ميتا” كإشارة قوية على أن المستقبل يتجه نحو مزيد من التدقيق والصرامة فيما يتعلق بسياسات البيانات. فمع تزايد الوعي العالمي بأهمية حماية الخصوصية، تبدو الحاجة ملحة لتطوير إطار عالمي يُلزم الشركات باتباع معايير أخلاقية تحترم حق المستخدم في الخصوصية.
اقرأ أيضا:
ميتا تفرض رسوما على مستخدمي فيسبوك وإنستغرام في الاتحاد الأوروبي مقابل خدمة بدون إعلانات
النرويج تطالب الاتحاد الأوروبي بفرض غرامة على ميتا بسبب انتهاك الخصوصية