علومبيئة ومناخ

كيف تشكّل النفط؟ وهل هو نتيجة لتحلل الديناصورات؟

يتكوّن النفط والغاز الطبيعي من مركبات تعرف بالهيدروكربونات، وهي مجموعة من الجزيئات الغنية بعنصري الكربون والهيدروجين. تُعد هذه الهيدروكربونات جزءًا من المواد العضوية التي ترتبط بالكائنات الحية؛ فمن البروتينات والكربوهيدرات إلى الحمض النووي (DNA)، جميعها مركبات تشكّلت من الكائنات الحية أو تحلّلت منها. وتنتشر هذه المواد العضوية المتحللة في الطبيعة، سواء كانت في تربة الغابات أو في الطبقات الرسوبية في المحيطات والبحيرات.

لكن، كيف تشكّل النفط والغاز الطبيعي عبر ملايين السنين؟

عندما تموت الكائنات الحية، تنزل إلى قاع البحار والبحيرات، حيث تبدأ عملية دفنها تدريجياً في الطبقات الرسوبية، ومع ارتفاع الحرارة والضغط، تتحول الخلايا المترسبة إلى هيدروكربونات، بشرط توفر الظروف الفيزيائية والجيولوجية الملائمة. هذه العملية ليست صدفة؛ بل هي موضع دراسة من قبل علماء الجيولوجيا الذين يستخدمون ما يُعرف بـ “البيوماركرات” لفهم أصل النفط وتحديد نوع الكائنات الحية التي أسهمت في تكوينه.

هل هذا يعني أن النفط يحتوي على بقايا الديناصورات؟

الإجابة المفاجئة هي: لا. فقد كشفت دراسة رواسب النفط أن معظمها تشكّلت من رواسب بحرية قديمة، مما يعني أنها تحتوي بشكل أساسي على بقايا الطحالب والكائنات الدقيقة، وليس بقايا الديناصورات العملاقة. حتى المواد العضوية الموجودة في النفط تشير إلى وجود مركبات نتجت من تحلل الكلوروفيل، وهي المادة التي تلعب دورًا أساسياً في عملية التمثيل الضوئي لدى النباتات والبكتيريا.

أما الزمن الجيولوجي لتشكّل النفط فيعود إلى فترات تمتد من 15 مليون سنة إلى ما يزيد عن 550 مليون سنة، وهي فترات أقدم بكثير من زمن وجود الديناصورات، التي عاشت على الأرض منذ نحو 66 إلى 230 مليون سنة فقط. لذا، نستنتج أن تكوين النفط لا يرتبط بوجود الديناصورات، بل يعود لحقب أقدم بكثير، حيث كانت البحار تزدهر بالكائنات الدقيقة والنباتات البحرية التي تراكمت ودفنت تحت الرسوبيات.

ومع ذلك، فإن المفارقة تكمن في أن فترات ازدهار النفط تتزامن مع حقب عاشت فيها الديناصورات، مثل العصر الجوراسي والطباشيري، حيث كانت الظروف المناخية الحارة مثالية لدفن كميات هائلة من المواد العضوية. لذا، يمكننا أن نتخيل أن بعض النفط يحتوي على جزيئات من تلك الحقبة، ولكن ليس من بقايا الديناصورات بشكل مباشر.

عموما، على الرغم من الحجم الهائل لعدد الديناصورات التي عاشت على الأرض، إلا أن الكائنات الدقيقة والنباتات كانت وما زالت تشكّل الغالبية العظمى من الكتلة الحية على الأرض، وهذا ما يفسر لماذا كانت الكائنات الصغيرة كالعوالق النباتية والحيوانية المصدر الأساسي لتكوين النفط. وعبر ملايين السنين، ساهم دفن المواد العضوية في تخفيف حرارة الأرض عبر احتباس ثاني أكسيد الكربون، إلا أن انبعاثه المفاجئ بفعل الإنسان يسهم الآن في تسخينها.

المقال الأصلي من theconversation بتصرف

اقرأ أيضا:

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button