بعد أزيد من ربع قرن على تأسيس جوجل Google، وقبل أن تحتفل بعيد ميلادها المقرر أن يتم في الأيام المقبلة من الشهر الجاري، ستواجه الشركة أول محاكمة احتكارية في عصر الإنترنت الحديث، في قضية تجمع كلا من الولايات المتحدة الأمريكية وآخرون ضد جوجل.
ستبدأ أطوار محاكمة جوجل يوم الثلاثاء، ومن المنتظر أن تستمر لمدة 10 أسابيع، ستخصص كاملة للتطرق إلى السؤال الجوهري الذي ظل يتكرر منذ مدة طويلة: هل أصبح عمالقة التكنولوجيا اليوم مهيمنين من خلال خرق القانون؟
وستتمحور هذه القضية على البت فيما إذا كانت جوجل قد عززت هيمنتها بشكل غير قانوني وقضت على المنافسة من خلال الدفع لشركة أبل Apple وشركات أخرى لجعل محرك البحث الخاص بها هو المحرك الافتراضي أو المثبت مسبقا على آيفون iPhone وكذلك على الأجهزة والمنصات الأخرى.
ومن المحتمل أن يتم استدعاء الرئيس التنفيذي لشركة جوجل Google، ساندر بيتشاي، إلى جانب المديرين التنفيذيين من شركة أبل وشركات التكنولوجيا الأخرى الذين سيمثلون أمام المحكمة كشهود.
في هذا الصدد، قالت وزارة العدل، في ملفاتها القانونية، إن جوجل حافظت على احتكارها من خلال اتفاقيات مع أبل Apple وغيرها من الشركات المصنعة للهواتف الذكية، مما يجعل من الصعب على المستخدمين استخدام محركات البحث الأخرى.
فيما عللت جوجل Google الأمر قائلة إن صفقاتها مع أبل وغيرها ليست حصرية، وإن المستخدمين يمكنهم تغيير الإعدادات الافتراضية على أجهزتهم لاختيار محركات بحث بديلة.
ووفقا لـ Sameweb، شركة لتحليل البيانات، فإن جوجل استحوذت على 90% من سوق محركات البحث في الولايات المتحدة، و91% على مستوى العالم.
يذكر أن وزارة العدل أمضت ثلاث سنوات على مدار إدارتين رئاسيتين في بناء هذه القضية التي تتهم جوجل بإساءة استخدام سلطتها في مجال البحث عبر الإنترنت لخنق المنافسة، وقد أسفر ذلك عن إنتاج أكثر من خمسة ملايين صفحة من الوثائق.
اقرأ أيضا: شركة Meta توقف علامة تبويب “Facebook News” في بعض الدول الأوروبية
محاكمة جوجل بسبب الاحتكار.. ملف قديم ومعقد:
منذ عهد الرئيس دونالد ترامب، وتحديدا عام 2019، قررت وزارة العدل ولجنة التجارة الفيدرالية إجراء تحقيقات جديدة لمكافحة احتكار شركات التكنولوجيا المهيمنة. وقبلت وزارة العدل الإشراف على التحقيقات المتعلقة بكل من شركة آبل وجوجل.
وفي أكتوبر 2020، قررت الحكومة رفع دعوى قضائية ضد شركة جوجل بتهمة إساءة استخدام هيمنتها في البحث عبر الإنترنت، وإيذاء منافسيها مثل Bing وDuckDuckGo، من خلال استخدام اتفاقيات وصفقات خاصة مع Apple وغيرها من الشركات.
بالإضافة إلى ذلك، رفعت مجموعة من 35 ولاية، بالاضافة الى غوام وبورتوريكو ومقاطعة كولومبيا، دعوى قضائية في عام 2020 تتهم فيها جوجل بإساءة استخدام احتكارها في البحث وإعلانات البحث لاستبعاد المنافسين بشكل غير قانوني. وسيتم البت في هذه القضية جنبا إلى جنب مع الدعوى القضائية التي رفعتها وزارة العدل.
من جهة أخرى، رفعت وزارة العدل، في يناير، دعوى أخرى منفصلة ضد جوجل لمكافحة الاحتكار، متهمة إياها بإساءة استخدام قوتها الاحتكارية في مجال تكنولوجيا الإعلان.
هذا إلى جانب قضيتين إضافيتين من ولايات اتهمتها بإساءة استخدام الاحتكارات في تكنولوجيا الإعلان ومنع المنافسة في متجر تطبيقات Google Play الخاص بها.
بايدو وشركات صينية أخرى تركب موجة الذكاء الاصطناعي على غرار جوجل وشات GPT
مصير جوجل Google بعد المحاكمة؟
صرحت ريبيكا ألينسوورث، الأستاذة في كلية الحقوق بجامعة فاندربيلت، أن محاكمة جوجل ستختبر في النهاية ما إذا كانت قوانين مكافحة الاحتكار المكتوبة عام 1890 لتفكيك احتكارات السكر والصلب والسكك الحديدية لا تزال فعالة في اقتصاد اليوم.
تفيد بعض التجارب السابقة في هذا النوع من القضايا أن أي حكم سيصدر عن هذه المحاكمة، يمكن أن يكون له آثار واسعة النطاق، من شأنها أن تؤدي إلى تباطؤ أو تفكيك أكبر شركات الإنترنت بعد عقود من النمو الجامح.
في هذا السياق، يمكن استحضار الدعوى القضائية التي رفعتها وزارة العدل ضد شركة مايكروسوفت في عام 1998 بسبب انتهاكات مكافحة الاحتكار.
وقد بينت هذه المحاكمات كيف يمكن أن تغير اتجاه الصناعات؛ إذ وافقت مايكروسوفت في الأخير على إنهاء بعض العقود مع صانعي أجهزة الكمبيوتر التي منعت صانعي البرمجيات المنافسين.
وقبلها، في عام 1984، وتحت ضغط من وزارة العدل، قسمت AT&T نفسها إلى سبع شركات اتصالات إقليمية، مما أدى إلى تغيير مسار صناعة الاتصالات عن طريق جعلها أكثر قدرة على المنافسة في فجر عصر الهاتف المحمول.
وبالتالي، يبدو أن المخاطر مرتفعة في هذه القضية الجديدة، وخاصة بالنسبة لشركة جوجل. في هذا الصدد، قالت الحكومة في شكواها إنها تريد من جوجل تغيير ممارساتها التجارية الاحتكارية، وربما دفع تعويضات وإعادة هيكلة نفسها.
في المقابل، صرح كينت ووكر، رئيس الشؤون العالمية في جوجل، في مقابلة أجريت معه الشهر الماضي، إن تكتيكات الشركة كانت “مشروعة تماما” وأن نجاحها “يرجع إلى جودة منتجاتنا”.
وأضاف أنه أمر محبط، وربما من السخرية، أن نشهد هذه الحالة ذات النظرة الرجعية المناهضة للابتكار غير المسبوق الذي يتطلع إلى المستقبل، على حد تعبيره.
المصدر: (نيويورك تايمز)
مصدر الصورة الرئيسية للمقال : Photo Mix de Pixabay
اقرأ أيضا:
