تكنولوجيا

الحوسبة السحابية .. شرح مبسط لغير المختصين

عند سماع مصطلح الحوسبة السحابية – Cloud computing، قد يتبادر إلى ذهنك أن هذا المصطلح يدخل في إطار المفاهيم المعلوماتية المعقدة التي لا يمكن لغير المختصين فهمها. غير أن الحقيقة ليست كذلك، إذ أن تكنولوجيا “السحابة” هي من الأشياء التي باتت جزءا لا يتجزأ من عالمنا اليوم؛ وببعض الشرح البسيط يمكن للجميع أخذ فكرة أولية عنها.

فمثلا، إذا كنت تستخدم الإنترنت للاستفادة من بعض الخدمات، مثل: إرسال رسائل البريد الإلكتروني (mail) أو تحرير المستندات أونلاين (doc) أو تخزين الصور (drive) أو ممارسة الألعاب، فإنك تستخدم الحوسبة السحابية حتى وإن كنت لا تعلم بذلك.

ربما لا يعلم الكثير من الناس باستخدامهم للحوسبة السحابية بشكل يومي، وذلك لأنها في الغالب تكون مجانية للاستخدام الشخصي وبالتالي لا يشعر المستخدم بقيمتها الحقيقية. غير أن القيمة الحقيقية لهذه التكنولوجيا تستشعر بها الشركات والمنظمات والإدارات، فهؤلاء يتوفرون على بيانات ضخمة ويرغبون في وضعها في مكان آمن بهدف إدارة المشاريع، وإجراء النسخ الاحتياطي للملفات، وتحليل البيانات، والاستفادة من أدوات تطوير البرامج، الخ.

بشكل عام تتيح الحوسبة السحابية للمستخدمين (أفرادا كانوا أو شركات) على حدٍ سواء تخزين جميع تطبيقاتهم وبياناتهم عبر الإنترنت، بدلاً من تخزينها محلياً على جهاز كمبيوتر أو جهاز محمول.

فماذا تعرف عن الحوسبة السحابية؟ وما هي أنواعها؟ وما هي فوائدها وسلبياتها ؟ أسئلة وأخرى سنجيب عنها بالتفصيل في هذا المقال.

ما هي الحوسبة السحابية ؟

ببساطة، يمكن تعريف الحوسبة السحابية بأنها تقنية لتخزين البيانات أو الوصول إلى خدمات معلوماتية عبر الإنترنت. ويمكن أن تشمل هذه الخدمات قوة الحوسبة (أي قدرة الأجهزة الحاسوبية في تنفيذ العمليات الحسابية والمعالجة الضخمة للبيانات بسرعة عالية)، وتخزين البيانات والتصفح وغير ذلك.

فبدلا من تخزين البيانات على جهازك ، تسمح لك السحابة بتخزينها على خوادم مراكز البيانات الخاصة بموفر السحابة مثل AWS أو Microsoft Azure أو Google Cloud.

هذا، ويشير اسم “السحابة” أو “الكلاود – Cloud” إلى التوصيل البيني بين أجهزة متعددة موجودة في مواقع مختلفة. لذلك تعتمد الشركات والإدارات والمنظمات عليها، كبديل عن شراء الأنواع المختلفة لتكنولوجيا المعلومات، إذ أن هذه الأخيرة تكلف مبالغ استثمارية ضخمة، وهذا الأمر ليس في مستطاع الجميع.

فالشركات تحتاج إلى خوادم لتخزين الكم الهائل من البيانات التي تتوفر عليها، كما تحتاج إلى برامج حماية متطورة لحماية هاته البيانات، بإلإضافة إلى أنها تحتاج إلى أجهزة كمبيوتر تتوفر على قوة حوسبة عالية، فضلا عن حاجتها إلى برمجيات التحليل الذكي للأعمال وغيرها من البرامج الأخرى.

غير أن توفر بعض الشركات والمنظمات على هذه التكنولوجيا المهمة والضرورية يعد أمرا صعبا، أو أقرب إلى المستحيل، وبذلك يبقى الحل الأمثل هو الاستفادة من الحوسبة السحابية التي تسهر عليها شركات مختصة لتقدم كل هاته الخدمات مقابل اشتراكات شهرية أو سنوية، وفي الغالب تكون بأسعار في المتناول.

إنترنت الحواس: كيف سيتم اختراق الدماغ البشري؟

أنواع الحوسبة السحابية:

هناك ثلاثة أنواع من السحابات وكل نوع يوفر احتياجات محددة، ومزايا خاصة.

1. السحابة الخاصة:

تكون السحابة الخاصة مملوكة حصريا لشركة أو منظمة أو مؤسسة. لذلك هناك من يطلق عليها اسم السحابة المؤسسية أو السحابة الداخلية أو السحابة المحلية.

في العادة تمتلك المؤسسة (الشركة، المنظمة، الإدارة…) البنية التحتية وتديرها في عين المكان أو عن بعد، ولكن يمكنها أيضًا أن تعهد بإدارة السحابة الخاصة بها إلى أحد المزودين.

باختصار يمكن فهم السحابة الخاصة بأنها السحابة التي يتم فيها الحفاظ على الخدمات والبنية التحتية على شبكة خاصة.

2. السحابة العامة:

على عكس السحابة الخاصة فإن السحابة العامة مملوكة ومدارة من قبل موفري الخدمات السحابية الخارجيين، الذين يقدمون موارد الحوسبة مثل الخوادم والتخزين عبر الإنترنت.

وكمثال على الشركات التي توفر السحابة العامة نجد Microsoft Azure و Dropbox حيث أن جميع الأجهزة والبرامج والبنية التحتية الداعمة الأخرى مملوكة ومدارة من قبل مزودي الخدمة. وعليه يمكن للمؤسسات وفرق العمل الوصول إلى هذه الخدمات وإدارة حسابهم باستخدام متصفح الويب.

تساعد السحابة العامة على نمو المؤسسات، بدءا من الشركات الناشئة التي تتطلع إلى إطلاق حلولها في أسرع وقت ممكن وحتى المؤسسات العالمية التي تحتاج إلى موارد حسب الطلب لمشاريع وتطبيقات محددة.

3. السحابة الهجينة:

يجمع هذا الحل السحابي بين السحابة العامة والسحابة الخاصة بذكاء لتحقيق أقصى قدر من الفوائد. على سبيل المثال، يمكن لمستخدم السحابة الاعتماد على أسطول من الخوادم المخصصة لتشغيل المواقع والتطبيقات، مع استخدام السحابة لأتمتة وتبسيط تخزين البيانات.

توفر السحابة المختلطة للشركة قدرا أكبر من المرونة والمزيد من خيارات النشر وتساعد على تحسين البنية الأساسية الحالية وأنظمة الأمان.

الحوسبة السحابية تعد أكثر أمنا من الأنظمة التقليدية ويمكن أن يستفيد منها الأفراد والشركات على حد سواء
يمكن استخدام الحوسبة السحابية بشكل شخصي مجانا سواء فيما يتعلق بإرسال رسائل البريد الإلكتروني (mail) أو تحرير المستندات أونلاين (doc) أو تخزين الصور (drive) أو ممارسة الألعاب أو مشاهدة الفيديو (الصورة بواسطة Joseph Mucira من Pixabay)

خدمات الحوسبة السحابية:

يتم تصنيف معظم خدمات الحوسبة السحابية إلى 3 فئات أساسية وهي ( IaaS وPaaS وSaaS ) :

1. البنية التحتية كخدمة -(Infrastructure as a service-(IaaS

تستأجر الشركات والمؤسسات البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات (بهدف تحسين قوة الحوسبة أو تخزين البيانات أو التصفح) من مزود الخدمة السحابية، لكنها تستمر في الإشراف على إدارة تطبيقاتها المهمة بالإضافة إلى أنظمتها الأمنية وقواعد بياناتها وأنظمة التشغيل الخاصة بها.

على سبيل المثال، قد يستأجر أصحاب بعض المواقع الإلكترونية “مساحة على خادم أمازون” (Amazon Web Services AWS) بدلا من امتلاك وصيانة خادم كبير محليا.

بلوك تشين Blockchain: كيف يمكن أن تغير حياتنا؟

2. النظام الأساسي كخدمة -Platform as a service-(PaaS)

باستخدام PaaS، يمكن للعملاء إدارة وبناء واختبار ونشر تطبيقاتهم الخاصة على منصة سحابية مصممة ليستفيد منها المستخدم. تتم إدارة البنية التحتية الأساسية لتكنولوجيا المعلومات، مثل الأجهزة والبرامج الوسيطة، بواسطة موفر سحابي موثوق به، ويعد محرك تطبيقات “غوغل” (Google) مثالا على ذلك.

يمكن لفرق تكنولوجيا المعلومات الداخلية إدارة احتياجات البيانات والتطبيقات الخاصة بالشركة دون الحاجة إلى صيانة البنية التحتية، ، مما يعطيها حرية أكثر للتركيز على استمرار نمو الأعمال.

3. البرمجيات كخدمة -(SaaS)- Software as a service

مع نموذج SaaS، تتم استضافة منصات البرامج خارجيًا في السحابة. يمكن للمستخدمين الوصول إلى البرامج عبر الإنترنت من خلال الاشتراك. يتم بعد ذلك تحرير المؤسسات من الحاجة إلى شراء الأنظمة الأساسية البرمجية وتثبيتها وتحديثها مع ضمان إمكانية وصول فرق العمل حول العالم إلى أدواتها الرئيسية.

يعد برنامج “مايكروسوفت 365” (Microsoft 365) مثالا قويا لنموذج SaaS الذي يقدم للمستخدم خدمة الدخول لجميع برامج مايكروسوفت المكتبية أونلاين. (وورد، إكسل، وان درايف…)

فوائد الحوسبة السحابية:

توفر تكنولوجيا السحابة الكثير من الفوائد للأفراد والشركات والمؤسسات، ومن بينها:

إمكانية توفير المال فيما يتعلق بالأعمال التجارية وذلك لأن مستخدمي الحوسبة السحابية يدفعون فقط مقابل موارد الحوسبة التي يستخدمونها.

ولذلك لم يعد من الضروري الإنفاق على الموارد غير المستغلة ما يسمح للشركات بإدارة عمليات تكنولوجيا المعلومات الخاصة بها بموارد داخلية قليلة.

بالإضافة إلى ذلك، توفر الحوسبة السحابية مكاسب في الأداء وتزيل قيود الصيانة حيث يتم تحديث البرنامج على الفور من قبل موفر الخدمة.

ميزة أخرى هي المرونة وقابلية التوسعة التي توفرها السحابة. ففي حال تغيرت احتياجات العمل، فلن يستغرق الأمر سوى بضع نقرات لزيادة أو تقليل استخدام موارد تكنولوجيا المعلومات .

تعمل الحوسبة السحابية أيضًا على زيادة سعة التخزين بشكل غير محدود، حيث يقوم مقدمو الخدمة باستمرار ببناء مراكز بيانات جديدة لمزارع الخوادم الخاصة بهم.

من جهة أخرى يعد الأمن السيبراني من أهم أولويات التكنولوجيا السحابية، فبعدما كانت العديد من المؤسسات مترددة في الانتقال جزئيا أو كليا، إلى السحابة بسبب مخاوف أمنية، تمت معالجة هذه المخاوف بشكل مباشر، بعد تطورات عرفتها الحوسبة السحابية على مر السنين.

والآن أصبحت الشركات المزوِدة لهذه التكنولوجيا تقدم مجموعة من الحلول السحابية الآمنة: على سبيل المثال، تشغيل اتصالات خاصة آمنة بين البنية التحتية المحلية ومراكز البيانات الخارجية التي يمكن الوصول إليها بسهولة، والحماية من هجمات DDoS المتطورة، وإمكانية النسخ الاحتياطي الآلي، الخ.

اقرأ أيضا: أبجديات الأمن السيبراني لغير المتخصصين

سلبيات الحوسبة السحابية:

على الرغم من أن الحوسبة السحابية تتمتع بمزايا عديدة، إلا أن هناك بعض العيوب التي ينبغي معرفتها.

فعلى سبيل المثال فإن الاعتماد على موفري الخدمات السحابية لتأمين بيانات الشركات والمؤسسات قد يمثل خطرا خصوصا وأن بعض مقدمي هاته التكنولوجيا قد يفتقدون إلى الشفافية فيما يتعلق بكيفية التعامل مع البيانات الحساسة.

وبغض النظر عن شفافية مزودي الخدمة، فإن وجود طرف ثالث يستضيف بياناتك، فهذا بحد ذاته يمثل خطرا محتملا بسبب المتسللين وتجسس الشركات.

لذلك، يعد الإطلاع والإلمام بشروط الاستخدام أمرًا ضروريًا لتجنب حوادث الأمن السيبراني التي تعرض سلامة البيانات للخطر.

من جانب آخر، فإن الاعتماد الكلي على السحابة يجعل من العميل عاجزا أم حالات الأعطاب أو المشاكل التقنية في السحابة ما يهدد نشاطه التجاري أو الإداري إلى غاية حل المشكل.

فعلى الرغم من أن موردي الخدمات السحابية يحرصون كل الكل الحرص على عدم وقوع هاته الأعطاب، كما يعملون على تعويض العملاء في حال حدوثها؛ إلا أن وقع المشكل في حال حدوثه يكون عنيفا على الشركات أو المؤسسات المتضررة.

ولهذا السبب ولتجنب الوقوع في هاته المشاكل فإن معظم الشركات والإدارات تعتمد على كبار موردي خدمات تكنولوجيا السحابة الموثوق بهم والذين لديهم القدرة على ضمان عدم وقوع المشاكل بنسب عالية.

من سلبيات الحوسبة السحابية أيضا هو عدم القدرة على التنبؤ بالتكاليف، فعلى الرغم من إمكانية تمديد استهلاك الموارد حسب الحاجة، إلا أن هذا يؤدي أيضا إلى زيادة الفاتورة.

المصدر: مواقع إلكترونية

اقرأ أيضا:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى