بيئة ومناخعلوم

زلزال المغرب .. ما تفسير الضوء الأزرق الذي ظهر في السماء قبل الكارثة بثوان؟

قبيل ثوانِِ قليلة من وقوع زلزال المغرب المدمر، شوهدت ومضات ضوئية في سماء مختلف المناطق القريبة من بؤرة الزلزال كما رصدتها كاميرات المراقبة، وعدسات هواتف بعض السكان.

ومع انتشار مقاطع الفيديو التي توثق لهذه الظاهرة الغريبة على مواقع التواصل الاجتماعي، تزايدت التساؤلات والاستنتاجات والتأويلات المختلفة حول ماهية الضوء الأزرق الذي يسبق الزلازل خصوصا وأن هذه الظاهرة سبق وأن حدثت في زلزال تركيا وسوريا وفي زلزال المكسيك وفي دول أخرى.

إذن كيف يفسر العلم ظهور هذا الوميض الأزرق قبيل الزلازل؟

ماذا نعرف عن ضوء الزلزال الأزرق؟

قد يراه البعض برقا، وقد يراه البعض الآخر مثل كرات الضوء المتوهجة في السماء، فيما قد يراه آخرون وميضا غريبا يترك هالة زرقاء على شاكلة الشفق القطبي. وفي جميع الحالات فإن لهذه الظاهرة اسم متعارف عليه يسمى الأضواء الزلزالية – Earthquake lights وتسمى اختصارا بـ EQL.

بحسب تقرير جميعة رصد الزلازل الأمريكية فإن توثيق هذه الأضواء لمحاولة تفسيرها بشكل علمي بدأ منذ القرن السابع عشر. غير أن إثبات الترابط بينها وبين حدوث الزلازل كان مهمة صعبة لكونها لا تظهر إلا في 0.5% من الزلازل، كما أن مدتها عند الظهور تكون قصيرة.

لذلك ظل العلماء متشككين في وجود أضواء تظهر في السماء قبيل الزلازل، إلى أن ظهرت مقاطع الفيديو التي تثبت ذلك في الكثير من الدول التي عرفت هزات أرضية مدمرة، الأمر الذي استوجب تدخل الباحثين لفهم هاته الظاهرة.

بشكل عام، فإن أضواء الزلازل عادة ما تكون بيضاء مزرقة وتستمر لبضع ثوان. وفي الغالب يتم الإبلاغ عن مشاهدتها على مسافة قد تصل حتى 400 كيلومتر من مركز الزلزال.

وقد تم اقتراح تفسيرات متعددة، بما في ذلك تأيُّن الأكسجين داخل بعض الصخور وتعطيل المجال المغناطيسي للأرض.

فيما فسر البعض هذه الأمور بمنطق ديني، بينما اعتبرها آخرون بمثابة إشارات من الكائنات الفضائية. غير أن أغرب التفسيرات وأحدثها نجدها عند أصحاب نظرية المؤامرة الذين يعتبرون أن هذه الأضواء هي نتيجة “لسلاح هارب” “المسبب للزلازل” وفق تفسيرهم.

ضوء الزلزال الأزرق الذي سبق زلزال المغرب
تفسير الضوء الازرق قبل الزلزال
ضوء ازرق قبل الزلزال
لقطة شاشة لمحتوى على فيسبوك منشور بتاريخ 11 أغسطس 2023 يتحدث عن نظرية المؤامرة وعلاقتها بالضوء الذي يسبق الزلزال. (الصورة المنشورة لا تمت بصلة للضوء الذي ظهر في السماء قبيل زلزال المغرب)

ما تفسير الضوء الازرق قبل الزلزال من الناحية العلمية؟

لازال بعض الجيوفيزيائيين يشككون في مدى صحة الروايات المنتشرة بين الناس حول التوهج الغير العادي الذي يقع في السماء قبيل الزلزال، كما أنهم يترددون في اعتباره أضواء زلزالية EQL. بينما يعتقد آخرون أن هذه الروايات والتقارير تتوافق بشكل معقول مع EQL، ومن بينهم فريدمان فرويند وهو أستاذ زائر في جامعة ولاية سان خوسيه وكبير الباحثين في مركز أبحاث أميس التابع لوكالة ناسا في عام 2001.

فوفقا لمجلة ناشيونال جيوغرافيك، فقد درس فرويند وزملاؤه 65 حالة تفصيلية لمثل هذه الأضواء بدءا من عام 1600، ونشروا نتائجهم في رسائل أبحاث الزلازل في عام 2014 بعنوان: Prevalence of Earthquake Lights Associated with Rift Environments.

فسر فرويند ظهور الأضواء في السماء عبر نسبها إلى حقيقة أن الصخور يمكن أن تصبح أشباه موصلات أثناء النشاط الزلزالي.

كما أوضح أن الشحنات يمكن أن تتحد وتشكل ما يشبه حالة البلازما، والتي يمكن أن تنتقل بسرعات عالية جدًا وتنفجر على السطح لتنتج تفريغات كهربائية محمولة جوا.

في هذا السياق، يشرح فرويند قائلا: “عندما تنتقل موجة زلزالية قوية عبر الأرض، فإنها تضغط على الصخور بقوة وسرعة كبيرين، مما يخلق ظروفًا يتم فيها توليد كميات كبيرة من الشحنات الكهربائية الموجبة والسالبة. يمكن لهذه الشحنات أن تنتقل معا، وتصل إلى ما يسمى بحالة البلازما، والتي يمكن أن تنفجر وتطلق في الهواء“.

وبحسب مختصين من جامعة روتجرز بالولايات المتحدة، فإن ظاهرة الأضواء الزلزالية يمكن فهمها عن طريق الظاهرة الفزيائية “Triboluminescent“. إذ يعتقد أن الومضات الضوئية ناتجة عن تمزق واحتكاك الصفائح الأرضية، مما يولد طاقة كهربائية تنطلق إلى السطح بسرعة وقوة كبيرتين.

كيف تؤدي الاحتكاكات في باطن الأرض إلى ظهور أضواء الزلازل؟

لا زال العلماء يجرون دراسات وأبحاث حول هذا الأمر، ولم يتم التوصل إلى فهم حاسم ونهائي يجيب عن هذا السؤال، لكن هناك بعض التفسيرات المنطقية للكيفية التي تظهر بها الأضواء من بينها:

  • احتواء صخور البازلت والجابرو على عيوب صغيرة في بلوراتها حيث يتم سحقها وإتلافها بسبب الإجهاد القوي أثناء النشاط الزلزالي، ويتم كسر روابط البيروكسيجين، مما يؤدي إلى تأين أيونات الأكسجين. ترتفع هذه الأيونات السالبة عبر الشقوق الموجودة في الصخور ثم تنتشر في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى تأين الهواء وإنشاء بلازما متوهجة.
  • اقترحت دراسة أخرى أن الإجهاد التكتوني يخلق ما يسمى بالتأثير الكهرضغطي؛ حيث تنتج الصخور الحاملة للكوارتز مجالات كهربائية قوية عند ضغطها بطريقة معينة، ويتم إطلاق هذا الجهد في الهواء، مما يؤدي إلى تأين الهواء وإصدار ضوء كهربائي لامع يسمى مبدأ تلألؤ الاحتكاك.

هل يظهر ضوء الزلزال الأزرق في جميع الهزات الأرضية؟

كما سبقت الإشارة، لا تعد أضواء الزلازل ظاهرة شائعة؛ إذ لا تظهر في جميع الزلازل، لكنها عندما تحدث فإنها في العادة تحدث قبل أو أثناء الزلازل الكبيرة، ولكن يمكن أن تظهر حتى قبل عدة أسابيع.

لذا من المحتمل أن يساهم الفهم الأعمق لهذه الظاهرة في التنبؤ بحدوث الزلازل الكبيرة وتقليل تأثيرها.

الدول التي ظهرت فيها أضواء الزلازل قبل زلزال المغرب:

لا يعد الضوء الأزرق الذي رصدته عدسات الكاميرا قبيل زلزال المغرب بمثابة المرة الأولى التي يتم فيها توثيق هذه الظاهرة؛ إذ سبق وشوهد هذا الوميض لعدة قرون في أجزاء مختلفة من العالم.

فيما يلي قائمة لبعض الزلزال التي شهدت ظهور هذه الأضواء:

  • زلزال تركيا وسوريا 2023: قبل ثوانٍ قليلة من وقوع الزلزال الأول في تركيا وسوريا، ظهرت ومضات ضوئية في سماء المناطق المتضررة
  • زلزال اليابان 2011 : ظهور الضوء الأزرق مصحوبا بدوي قوي
  • زلزال إيطاليا 2009: شوهد لهيب الضوء يومض فوق ممر حجري
  • زلزال بيرو 2007: كانت الأضواء عبارة عن ومضات ساطعة أضاءت السماء، تم التقاطها في فيديو كاميرا أمنية قبل لحظات من زلزال بقوة 8.0 درجة
  • زلزال كيبيك 1988، أبلغ الناس عن ظهور كرة من الضوء أرجوانية وردية ساطعة على طول نهر سانت لورانس، قبل 11 يومًا من وقوع زلزال قوي.

المصدر: مجلة ناشيونال جيوغرافي: nationalgeographic.co.uk ______ موقع iflscience.com

اقرأ أيضا:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى