اقتصاد

كيفية إعداد دراسة الجدوى للمشروع خطوة بخطوة

تعد دراسة الجدوى من أهم الخطوات التي ينبغي على كل مقبل على مشروع أو استثمار جديد القيام بها، غير أن الكثير من المبتدئين الراغبين في تأسيس مشروعهم الخاص (في إطار المقاولات الذاتية، المقاولات الصغرى والمتوسطة، التعاونيات، الشركات الناشئة…) لا يمكلون المعلومات الكافية والضرورية عن هذا الإجراء الذي يمثل أهم خطوة عملية قبل المرور إلى مرحلة تنفيذ المشروع. لذلك سنحاول في هذا المقال أن نطلع القارئ على كل المراحل والخطوات والمعلومات التي سيحتاجها بخصوص هذا الموضوع.

إذن، ما المقصود بدراسة الجدوى؟ وما هي أهميتها؟ وما الخطوات التي يجب اتباعها؟ وما هي المعلومات والعناصر الضرورية التي يجب أن تتضمنها؟ أسئلة وأخرى سنحاول الإجابة عنها بالتفصيل في هذا المقال.

ما هي دراسة الجدوى؟

دراسة الجدوى هي ترجمة عن اللغة الإنجليزية Feasibility Study، وتعني ببساطة مدى إمكانية تنفيذ المشروع، أي هل فكرة المشروع التي ترغب في تنزيلها قابلة للتنفيذ في ظل الموارد والإمكانيات البشرية والمالية والتقنية المتاحة لك؟ وهو السؤال المحوري الذي لا يمكن الإجابة عنه إلا من خلال القيام بتحليل دقيق وموضوعي للمشروع، يمكنك من تحديد نقاط القوة والضعف والتهديدات المحتملة وفرص الربح والخسارة وآفاق النجاح.

وعليه يمكن اعتبار دراسة الجدوى بمثابة تقييم شامل لجميع العوامل والظروف المحيطة بالمشروع بما فيها الموارد المادية والبشرية والبيئة التنافسية والقوانين المعمول بها، والأثر الاجتماعي والاقتصادي.

أهمية دراسة الجدوى:

يظهر من خلال التعريف المبسط الذي سبقت الإشارة إليه الأهمية الحاسمة لدراسة الجدوى؛ فهي التي تحدد في النهاية ما إذا كان المشروع قابلا للتنزيل وتحقيق الربح المرجو منه أم أنه سيكون مضيعة للجهد والوقت والطاقة والميزانية المخصصة له، وهو السيناريو الأسوء الذي يهدد بشكل خاص المبتدئين الراغبين في الإقدام على تأسيس مشاريعهم الخاصة. وبالتالي، تكمن أهمية دراسة الجدوى في المساعدة على تجنب كل السيناريوهات المحتملة لفشل المشروع وضياع الموارد المالية المخصصة له.

من جهة أخرى، تعد دراسة الجدوى عملية ضرورية للحصول على القروض أو الدعم؛ فلا يمكن لأي جهة أن تقبل دعم أو تمويل مشروع معين إلا إذا توفرت لها الضمانات الأساسية لنجاح هذا المشروع، وهو ما يتم عبر هذه الخطوة المهمة التي يجب أن نراعي فيها ضرورة إقناع الجهة الممولة بجدوى المشروع أي فرص وآفاق نجاحه، وعليه يجب اتباع مجموعة من الخطوات لإعداد دراسة جدوى دقيقة ومقنعة وفق مجموعة من العناصر التي يجب أن تتضمنها.

تكمن أهمية دراسة الجدوى في المساعدة على تجنب كل السيناريوهات المحتملة لفشل المشروع وضياع الموارد المالية المخصصة له بالإضافة إلى أنها ضرورية عند التعامل مع بعض المؤسسات والبنوك للحصول على الدعم أو القروض – Image par Pexels de Pixabay

خطوات دراسة الجدوى:

عند الحديث عن خطوات أو طريقة إعداد دراسة الجدوى، فإننا بالضرورة نتحدث أيضا عن العناصر الأساسية التي يجب أن تتضمنها هذه الدراسة، لذلك يجب ألا يخلق لك هذا الخلط أو اختلاف التسميات أي تشويش، فالأمر في غاية البساطة خاصة أنه يتعلق فقط بالمشاريع الصغرى والمتوسطة للمبتدئين والمقبلين الجدد على عالم المقاولات والمشاريع الخاصة.

من جهة أخرى، فإن هذه الخطوات وهذه العملية عموما تختلف بالنسبة للشركات الكبرى ذات الرأسمال الكبير والتجربة الطويلة أو الاستثمارات الكبرى الخاصة برجال الأعمال أو المؤسسات الحكومية، وبالتالي فهي تتطلب وقت أطول واستشارة خبراء ومتخصصين والقيام بدراسات وأبحاث معقدة، غير أن هذه التعقيدات تبقى بعيدة كل البعد عن نوع المقاولات والمشاريع التي نتحدث عنها في هذا المقال.

على هذا الأساس، سنتطرق لأهم خطوات دراسة جدوى مشروع معين، وبشكل مبسط، وفق مجموعة من العناصر الضرورية التي ينبغي أن تتضمنها هذه الدراسة، لكن تجب الإشارة إلى أن هذه العناصر قد تختلف من حيث العدد أو التسميات؛ فأحيانا يتم اختصارها في ثلاثة عناصر أو خطوات، وأحيانا أربعة أو خمسة أو أكثر، غير أن ذلك لا يشكل أي اختلاف من حيث مضمونها أو المعلومات التي يجب أن تتضمنها، فهو اختلاف ناتج أساسا عن اعتماد تقسيمات مختلفة أو دمج عنصرين متقاربين في عنصر واحد.

وتجنبا لأي تعقيد محتمل، سنركز على أربع خطوات أساسية وفق تقسيم يراعي شرح كل منها وتوضيح المعلومات التي يجب أن تتوفر فيها وهي:

  • الجدوى السوقية
  • الجدوى الفنية
  • الجدوى المالية
  • الجدوى الاجتماعية والاقتصادية

1. الجدوى السوقية:

تتطلب الإحاطة بجميع المعطيات المتعلقة بالسوق الذي تستهدفه بمنتجاتك سواء كانت سلع أو خدمات؛ أي الاطلاع على حجم ونوعية الساكنة (الزبناء المحتملين)، وقوتهم الشرائية وسلوكهم الاستهلاكي وحاجاتهم ورغباتهم، الأمر الذي سيمكنك من توقع حجم الإقبال المحتمل على السلعة أو الخدمة التي سيقدمها مشروعك.

كل هذا سيسمح أيضا بتقييم حجم ومستوى المنافسة التي سيواجهها مشروعك؛ إذ لابد من الأخذ بعين الاعتبار مستوى تموقعك المحتمل بين المنافسين، من خلال تحديد حجمهم وسمعتهم ومكانتهم ونقاط قوتهم وضعفهم، وهو ما يمكن استخلاصه من مدى حجم المبيعات التي يحققونها والجودة والأسعار، ومدى رضى المستهلك ووفائه، وذلك لاكتشاف الفرص والثغرات التي يمكن استغلالها من أجل إنجاح مشروعك.

 هذه الفرص أو الثغرات يمكن أن تتمثل إما في قدرتك على تقديم أسعار تنافسية، أو جودة أعلى، أو سد الخصاص في السلعة أو الخدمة، أو استهداف زبناء ومستهلكين خارج دائرة المنافسين أو غيرها. لذلك فمهمتك هي محاولة اكتشاف هذه الفرص والإشارة إليها في دراسة جدوى المشروع لزيادة حظوظك في قبوله خاصة إذا كنت تبحث عن تمويل أو دعم من جهة معينة.

2. الجدوى الفنية: 

وهي أكثر العناصر شمولا؛ إذ تتضمن جميع تفاصيل المشروع بما في ذلك: حجم المشروع، والموقع الجغرافي لمقر المشروع ومساحته، ومواصفات السلع أو الخدمات التي سيقدمها، ونظام ومراحل الإنتاج، والطاقة الإنتاجية، وحجم الطلب المحتمل، والعمالة التي سيحتاجها، والآليات والتجهيزات الضرورية للإنتاج…

باختصار لا يجب أن نغفل أي جانب من الجوانب التي سيحتاجها تشغيل المشروع واستمراره بالشكل المطلوب؛ بحيث يساعد تدقيق وتحديد كل هذه العناصر على تقدير التكاليف المادية التي سيحتاجها المشروع، وأي خلل أو خطأ في هذا الجانب سيؤثر إلى حد كبير في السير الطبيعي والصحيح للمشروع أو فشله.

كما أن غياب الدقة في تحديد الجدوى الفنية الذي يؤثر مباشرة في التقدير الصحيح لتكاليف وميزانية المشروع، من شأنه أن يضعف حظوظ الحصول على أي تمويل أو دعم؛ ذلك أن قرار قبول المشروع وتمويله يعتمد بشكل كبير على نتائج الدراسة الفنية التي يقوم بها صاحب المشروع، وبالتالي يجب أن تكون كل العناصر مترابطة منطقيا مع تقدير معقول للتكاليف والأرباح المتوقعة، وضمان الانطلاقة المناسبة للمشروع؛ خاصة أن بداية المشروع تكون غالبا صعبة لذا يجب توقعها لتحديد مدى قدرتك على تحمل تكاليفها، والسير الصحيح للمشروع على المدى القريب والمتوسط.

3. الجدوى المالية:

تتعلق أساسا بالعائدات والأرباح المتوقعة من المشروع، وبالتالي فهي أهم عنصر يحدد واحدا من ثلاثة اختيارات: إما تنفيذ المشروع أو إعادة النظر فيه أو إلغاؤه تماما في حالة تبين أنه لن يحقق الربح المطلوب.

هذا يعني أن الجدوى المالية هي أهم خطوة في دراسة الجدوى؛ فهي تجيب ببساطة عن: هل المشروع جيدا أو محكوما بالفشل؟ هل يستحق أن تستثمر فيه المال والجهد والوقت أم سيكون من الأفضل إلغاؤه والبحث عن فكرة أخرى أقرب للتحقيق والنجاح؟

تعتمد هذه الخطوة بشكل كبير على الخطوتين السابقتين المتعلقتين بالجدوى السوقية والجدوى الفنية، بل هي نتيجة لهما. فبعدما سبق تحديد حجم الإقبال المحتمل على السلعة أو الخدمة التي سيقدمها مشروعك، وتموقعك بين المنافسين، ثم التكاليف المختلفة لتأسيس المشروع وتوفير الأجهزة والمعدات والعمالة وكل لوازم الإنتاج، أصبح من الممكن توقع هامش الربح؛ وذلك من خلال تحديد مختلف التكاليف والعائدات المحتملة في فترة معينة (مع الأخذ بعين الاعتبار الرأسمال الثابت أي الميزانية التي تم استثمارها لتأسيس المشروع)، والقيام بعملية طرح بسيطة أي طرح التكاليف من العائدات للحصول على نتيجة تحدد ما إذا كان المشروع مربحا أم أنه لازال يتطلب إعادة النظر فيه أي مراجعة البيانات السابقة للوقوف على مكمن الخلل.

ويجب أن تكون الدراسة المالية دقيقة ومنطقية كي تحصل على نتائج واضحة وموثوقة ومقنعة للجهة التي طلبت دراسة الجدوى، الأمر الذي يتطلب إدراج جميع التكاليف المتعلقة بالإنتاج (المواد الخام، تكاليف الطاقة والصيانة، رواتب العمال أو المساعدين، تكاليف الإيجار، الكلفة المخصصة للطوارئ…)، ثم العائدات المتوقعة بشكل معقول ودقيق (حجم المبيعات، حجم الإقبال على الخدمة، حجم العرض مقابل الطلب…)، وذلك لتوقع صافي الربح الممكن.

4. الجدوى السوسيو اقتصادية:

يجب أن تركز من خلالها على إبراز نقاط قوة مشروعك من حيث الفائدة الاقتصادية والاجتماعية التي سيعود بها على المجتمع. وبالتالي يمكن الإشارة مثلا إلى أن مشروعك سيساهم في خلق فرص شغل لساكنة منطقتك وتوفير رواتب محترمة لهم، أو تقريب خدمة ما لهم، أو تعويض خصاص في منتج أو سلعة عليها الطلب، أو توفير سلعة أو خدمة للفئات المحدودة الدخل، أو تحقيق رفاهية السكان…

إن التعامل الصحيح مع هذه الخطوة يعزز ويدعم فكرة مشروعك إلى حد كبير، لذا فدورك هو البحث عن كل ما يمكن أن يحققه المشروع من فائدة اقتصادية واجتماعية للإشارة لها في دراسة الجدوى. كما يجب الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الفائدة تختلف حسب كل مشروع؛ لذا يجب البحث عما يميز مشروعك وتجنب إقحام أي عنصر آخر لا يتناسب مع فكرة مشروعك أو لا يخدمها.

ويمكن الإشارة أيضا إلى الأثر البيئي، لكن هذا يتوقف أيضا على نوعية مشروعك ومدى علاقته بالبيئة وتأثيره فيها؛ فإذا كان تأثيرا إيجابيا وجب إبرازه وتوضيحه، وإذا كان سلبيا وجب تقديم الإجراءات أو الخطوات التي ستعتمدها لمنع أو تخفيف الأضرار البيئية.

كانت هذه أهم أربع خطوات لإعداد دراسة جدوى مشروع تراعي تقديم جميع المعلومات والعناصر الضرورية. غير أنه يمكن أن تجد تقسيمات أخرى من خمس أو ستة خطوات، لكن هذا التقسيم هو الأكثر شيوعا؛ إذ يمكن أن تجد مثلا من يفرد خطوة للجدوى البيئية في حين يمكن تجاوزها إذا لم تكن تتناسب مع نوعية مشروعك، أو إضافة خطوة متعلقة بالجدوى القانونية بينما يجب إدراجها ضمن الجدوى الفنية التي تهتم بجميع التفاصيل المرتبطة بمشروعك.

تقرير دراسة الجدوى:

بعد اتباع هذه الخطوات تكون دراسة جدوى مشروعك جاهزة، ويمكن تقديمها مرفقة بما يسمى تقرير الجدوى وهو عبارة عن تلخيص للدراسة التي قمت بها، ويحتوي عادة على:

  • ملخص شامل
  • مواصفات المنتوج سواء كان ضمن السلع أو الخدمات
  • لمحة عن السوق المستهدف ووضعية المنافسة
  • المستهلك المحتمل وحجم الطلب على المنتوج
  • التوقعات المالية (التكاليف والعائدات)

إذن، فهذه هي أهم المعلومات والإجراءات لإعداد دراسة الجدوى، نتمنى أن يكون الجميع قد استفاد منها، ولمن لديه أي تساؤل بخصوص هذا الموضوع، يمكنه طرحه في تعليق أسفل المقال.

اقرأ أيضا:

أيهما أفضل لإعلانك .. فيسبوك أدس أم جوجل أدس؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى