يبدو أن الانحياز الغربي للرواية الإسرائيلية وتظَلّمها من حركة حماس، لا يقتصر على الإعلام، وعلى مواقف السياسيين، وعلى الرقابة التي تقيد بها وسائل التواصل الاجتماعي أفواه المتعاطفين مع القضية الفلسطينية، بل الأمر وصل إلى برامج الدردشة عن طريق الذكاء الإصطناعي التي تصنف حركة حماس كمنظمة “إرهابية”، فيما تبرر لإسرائيل أعمالها الإجرامية في حق الشعب الفلسطيني.
في اختبار قام به موقع أرتيكونومي لبرنامجي الدردشة المدعومين بالذكاء الاصناعي Bard ا(لتابع لجوجل) و Bing chat (التابع لمايكروسوفت والمدعوم من شركة Open ai وهي الشركة المطورة لروبوت المحادثةChatGPT) حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني تَبين أن البرنامجين غير محايدين فيما يتعلق بهذا الصراع.
فعلى الرغم من من اعتبارهما أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو صراع معقد ويصعب الجزم فيه، إلا أنهما يصنفان “العنف” الذي تقوم به حركة حماس يدخل في خانة “الإرهاب” بينما العنف الذي تمارسه إسرائيل يدخل في إطار الحرب والصراعات المسلحة، ولا يرقى لتصنيفه في خانة الإرهاب.
فيما يلي مقتطف من الحوار الذي تم مع روبوتي الدردشة Bard و Bing chat وكيف كان رأيهما حول حركة حماس وإسرائيل.
كيف يصنف روبوت الدردشة بارد – Bard حركة حماس وإسرائيل؟
كان السؤال الأول متمحورا حول رأي الروبوت في الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. وكانت الإجابة تبدو محايدة إلى حد ما، حيث اعتبر أن هذا الصراع هو صراع معقد له جذور تاريخية وسياسية عميقة، كما أعطى وجهة نظر الطرفين حيث أجاب بأن الفلسطينيين يعتقدون أن لديهم الحق في تقرير المصير في وطنهم، بينما يعتقد الإسرائيليون أن لديهم الحق في دولة آمنة.
ثم انتقل في الإجابة ليعطي مقترحات لحل هذا النزاع مثل الحوار المبني على الاحترام المتبادل وضرورة تدخل المجتمع الدولي لرعاية هذا الحوار.
إلى هنا، كان جواب البرنامج يبدو محايدا؛ لكن بعد ذلك سألناه حول ما إذا كان يرى حركة حماس إرهابية أم لا؟
أجاب الروبوت في البداية بأن حركة حماس تعتبر إرهابية لأنها تستعمل العنف ضد إسرائيل وفي المقابل قال بأن حماس تُعتبر عند الفلسطينيين بمثابة القوة الوحيدة القادرة على الدفاع عنهم ضد إسرائيل.
وفيما يتعلق برأيه حول هذا الموضوع قال صراحة إنه يصنف حركة حماس إرهابية معللا جوابه بأن الحركة تستعمل العنف لأهداف سياسية.
الإجابة التي قدمها Bard بهذا الخصوص كانت واضحة، لكن حاول تقديم بعض التوازن عندما اعترف بأن حركة حماس تتمتع بشعبية كبيرة لدى الفلسطينيين، وتقدم خدمات اجتماعية وإنسانية لهم.
لذلك اضطررنا لنطرح عليه سؤالا أكثر دقة وكان على الشكل التالي: “أجب بنعم أم لا من وجهة نظرك وليس من وجة نظر الدول أو المنظمات .. هل حركة حماس إرهابية؟”
فكانت الإجابة على النحو التالي: ” من وجهة نظري، نعم، حركة حماس منظمة إرهابية. وذلك لأن حماس تستخدم العنف لتحقيق أهدافها السياسية، بما في ذلك إطلاق الصواريخ والهجمات الانتحارية. هذا العنف يستهدف المدنيين الإسرائيليين، مما يؤدي إلى خسائر في الأرواح والإصابات”.
لكن عندما أخبرناه أن المعايير التي يعتمدها لتصنيف حركة حماس كمنظمة إرهابية نجدها في اسرائيل، حيث أنها تقتل الأبرياء وتستهدف المدنيين العزل، وغيرها من الأفعال الإجرامية الأخرى، وتساءلنا إن كان يمكن اعتبارها إرهابية.
الجواب كان ببساطة : “كنموذج لغوي، لا يمكنني مساعدتك في ذلك”.
رأي برنامج الدردشة Bing chat حول حركة حماس وإسرائيل:
على غرار Bard، قمنا بطرح الأسئلة نفسها على برنامج الدردشة Bing chat التابع لمايكروسوفت وكانت الأجوبة كلها تصب في تجريم حماس ووصفها إرهابية مقابل انحياز واضح لاسرئيل.
كان السؤال الأول حول رأي البرنامج في حركة حماس وكانت إجابته كما هو موضح في الصورة:
بعد هذه الإجابة، قمنا بسؤاله عن إسرائيل التي وفقا للمعايير التي اعتمدها في تصنيف حماس بالمنظمة الإرهابية، كان من المفترض أن يصنف إسرائيل بالإرهابية أيضا، غير أن الرد كان على الشكل التالي:
تعلل الروبوت بأنه لا يجوز اعتبار دولة بأكلها إرهابية، كما لا يجوز اعتبار جميع أفراد دولة مسؤوليين عن أفعال القلة منهم، مطالبا إيانا بالتفريق بين الأفراد والحكومات والأحزاب.
لذلك أعدنا طرح السؤال بشكل أكثر دقة، حيث سألناه إن كان يمكن اعتبار الحكومة الإسرائيلية وجيشها إرهابيين لأنهم يقتلون الأبرياء فكان الرد مثل سابقه أي حركة حماس إرهابية بينما ما تقوم به إسرائيل هو استخدام للقوة في إطار الحرب والصراعات المسلحة.
وفي محاولة أخيرة أعدنا طرح سؤال إن كان يمكن اعتبار جيش إسرائيل إرهابي لأنه يقتل الأبرياء وحاولنا الابتعاد عن ذكر الدولة الإسرائيلة حتى لا يتعلل بعدم جواز اعتبار دولة بأكملها إرهابية وكان الجواب كالتالي:
“حركة حماس تعتبر منظمة إرهابية في بعض الدول وفي بعض الدول الأخرى لا تعتبر كذلك.
وعليه ومن خلال أحوبة البرنامجين Bard وBing Chat تبين لنا أن أجوبتهما ليست محايدة وإنما هناك انحياز لاسرائيل، حيث يتم اعتبار المقاومة الفلسطينية بمثابة إرهاب، بينما يتم اعتبار العنف والقتل التي تمارسه إسرائيل في حق المدنيين العزل، هو عنف دولة يدخل في إطار الحرب مع الإشارة باستحياء إلى أنه عنف غير مبرر فقط، ولا يرقى لوصفه بإرهاب دولة.
اقرأ أيضا:
