منذ ظهورها في نهايات القرن الماضي وإلى وقتنا الحاضر لا تزال شبكة الإنترنت في تطور مستمر، جالبة معها في كل مرة موجة جديدة من الابتكارات والميزات والفرص والإمكانات الهائلة التي توفرها للمستخدمين بدءا من الويب 1.0 إلى الويب web 4.0 .
تطور الإنترنت هو مسار لا يعرف التوقف عند حد معين، لدرجة أن بعض المختصين اعتبروا أن نهاية الإنترنت قد أوشكت بسبب هذا التطور الهائل، ومن بينهم إيريك شميدت، الرئيس السابق لشركة جوجل ومديرها التنفيذي والعضو السابق في مجلس إدارة شركة آبل، حيث أعلن منذ سنوات أن الإنترنت سيختفي، ولكن ليس لأنه سوف يتوقف عن الوجود، ولكن لأنه سوف يندمج بشكل كبير في بيئتنا وحياتنا اليومية لدرجة أننا سنعتبر ذلك جزءا من طبيعتنا.
اقرأ أيضا: إنترنت الحواس: كيف سيتم اختراق الدماغ البشري؟
تعد شبكة الويب 4.0 خير مثال على درجة التطور الذي وصل إليه الإنترنت؛ حيث إن نظام التشغيل الجديد يهدف إلى غمر الفرد في بيئة رقمية يصبح فيها تواصل الأشخاص مع الأشياء مطابقا لتواصل الأشخاص فيما بينهم، لتصبح العلاقة مع الآلة علاقة تفاعلية تكافلية وتصبح الحدود بين الإنسان والآلة غير واضحة.
فماذا تعرف عن نظام تشغيل الويب Web 4.0؟ وما الفرق بينه وبين أنظمة الويب السابقة؟ وما هي الميزات والإمكانات اللامحدودة التي سيتيحها للمستخدمين؟ أسئلة وأخرى سنجيب عنها بالتفصيل في هذا المقال.
قائمة المحتويات:
ما هو 4.0 Web ؟
نظام الويب 4.0 المعروف أيضا باسم الويب التكافلي، هو الجيل الرابع من الويب الفائق الذكاء المعزز بالروبوتات والذكاء الاصطناعي والتعلم الذاتي.
يهدف هذا النظام إلى تطوير التفاعل الكبير بين البشر والآلات وخلق علاقة تكافلية فيما بينهم؛ حيث ستكون الآلة قادرة على التعلم من السلوك والتفاعل البشري لتقديم استجابات من شأنها تيسير الحياة اليومية للناس.
هذا وستكون هذه الشبكة أيضا بمثابة منصة لتقنيات التفكير المنطقي، الذي ستتم الاستفادة منه لأتمتة العمليات، بواسطة الذكاء الاصطناعي المعتمد على نماذج التعلم العميق ومعالجة اللغة الطبيعية لتوليد الأفكار، ودفع عملية صنع القرار.
ما الفرق بين الويب 4.0 وباقي أنظمة الويب السابقة؟
قبل الوصول إلى المرحلة الرابعة من نظام الويب عرف هذا الأخير 3 مراحل في تطوره، وقد ساهمت كلها في إحداث تغيرات كبرى في حياة البشر.
فيما يلي كرونولوجية أنظمة الويب من Web 1.0 إلى Web 4.0 :
الويب 1.0 Web:
تم تطويره في 1990، كان عبارة عن شبكة لنقل المعلومات من جانب واحد لأغراض ثابتة.
في هذا النظام كان المستخدمون (يُطلق عليهم أيضًا “المتصفحون”، وهو مصطلح لم يعد مستخدمًا) يقتصرون على استهلاك المحتوى الثابت، دون القدرة على التفاعل أو إضافة محتويات جديدة بأنفسهم. لذلك، ففي الويب 1.0، كان كل شيء في أيدي مشرف الموقع.
الويب 2.0 Web:
ظهر في عام 2000 وعرف تطورا كبيرا مقارنة بسابقه، حيث أصبح ظاهرة اجتماعية يتبادل فيها ملايين المستخدمين الأفكار والمحتوى في المنتديات أو المدونات أو شبكات التواصل الاجتماعي.
على عكس الويب 1.0 الذي كان بطيئا نسبيا في الانتشار بين الناس، فإن الويب 2.0 ازدهر بقوة كبيرة، ووصل إلى مئات الملايين من المستخدمين في جميع أنحاء العالم. وبفضله أصبحت الإنترنت ظاهرة عالمية.
الويب 3.0 Web:
الويب 3.0 أو كما يعرف باسم الويب الدلالي، ظهر في عام 2010 ولازال هو النظام المستخدم في جل دول العالم.
تعد شبكات الويب الدلالي أكثر ذكاء مقارنة بسابقاتها، ويتجلى ذلك بوضوح في محركات البحث التي باتت أقرب إلى فهم اللغة البشرية الطبيعية.
في الوقت الحالي، تتم معظم استخدامات الإنترنت عبر الأجهزة المحمولة، وتعمل تقنيات مثل “السحابة” على تنويع خيارات استخدامها. ولهذا السبب، يمكن الإشارة أيضا إلى الويب 3.0 باسم “ويب الهاتف المحمول” أو “الويب المرن”.
اقرأ أيضا: تقنية الجيل السادس 6G: كيف ستعيد تشكيل عالمنا؟
الويب Web 4.0 :
بدأ تطوير هذا النظام في 2020، ولازال لحد الآن في بداياته. يعرف باسم “الويب التكافلي” أي التفاعل التكافلي بين الإنسان والآلات وإزالة الحدود الفاصلة بينهم.
فالويب الجديد هو نظام تشغيل ويب بأكمله؛ حيث تتدفق المعلومات من كل نقطة إلى نظام آخر. وهو عبارة عن شبكة مفتوحة ومرتبطة وذكية وسريعة أكثر من أي وقت مضى.
ما هي مميزات الويب 4.0؟
كما سبقت الإشارة فإن جل مستخدمي الإنترنت عبر العالم لا زالوا يستخدمون الويب 3.0. لذلك لا يزال استخدام محركات البحث أمرا ضروريا للحصول على المعلومات أو الخدمات التي نرغب بها.
فعلى سبيل المثال، إذا كنت تبحث عن حجز تذكرة طائرة للسفر إلى وجهة معينة، فإنك ستكتب في خانة البحث عبارة مثل “أرخص تذكرة من مطار الرباط إلى برشلونة”، وسيُظهر لك محرك البحث قائمة بمواقع الويب التي تعرض أسعار الرحلات، حيث سيكون عليه الاختيار بينها وانتقاء التي تقدم أفضل العروض.
في الجيل الرابع من الويب Web 4.0 وعندما سيتم الانتهاء من تطويره بشكل كامل، سيجد المستخدم تغيرا جذريا كبيرا وسيتخلص من العديد من الخطوات التي كان مضظرا للقيام بها في الويب الثالث.
هل ستختفي محركات البحث؟
بطبيعة الحال لن تختفي محركات البحث التقليدية على الأقل في السنوات القليلة القادمة، لكن سيتم دمجها مع مساعديين افتراضيين، وهذا ما توصلت إليه فعلا شركة مايكروسوفت التي دعمت محرك بحثها “بينغ” (Bing) ومتصفح الإنترنت “إيدج” (Edge) بالذكاء الصناعي عبر العمل مع شركة OpenAI؛ حيث بات بإمكان المستخدم الدردشة مع الروبوت الذكي والحصول على مجموعة من الخدمات كإنشاء الصور وتلخيص صفحات الإنترنت وتوليف المصادر المتباينة وإنشاء رسائل البريد الإلكتروني وترجمتها…إلخ
الأمر نفسه نجده عند شركة جوجل التي أدرجت في محرك بحثها الأداة التفاعلية بارد – BARD، التي تستخدم الذكاء الاصطناعي المعتمد على التعلم العميق لتوسيع آفاق مخيلة المستخدمين، وتعزيز إنتاجيتهم، وتحويل أفكارهم إلى واقع.
قد يهمك: بايدو وشركات صينية أخرى تركب موجة الذكاء الاصطناعي على غرار جوجل وشات GPT
بشكل عام فإن هؤلاء المساعدين قادرين على فهم اللغة البشرية بما فيها المنطوقة والمكتوبة، ومع التطور المستمر سيصبح بالإمكان إصدار أوامر لهم، وستتم تلبية هاته الأوامر وفقا للتعليمات التي أصدرها المستخدم ووفقا للبيانات المتوفرة حوله.
لذلك، عندما سترغب في حجز تذكرة طيران رخيصة من الرباط إلى برشلونة، فإنك بدل البحث عنها في محرك البحث، ستصدر أمرا للمساعد الافتراضي بأن يحجز لك أرخص تذكرة طيران نحو وجهتك في تاريخ معين، وستحصل مباشرة على طلبك حيث سيكون عليك فقط الموافقة أو الرفض.
ربما بعض من هذه الميزات أصبحت معروفة ومتاحة في بعض الاستخدامات، لكن هناك تغيرات أخرى سيأتي بها الويب 4.0 ؛ إذ ستكون الشبكة نفسها هي التي ستقترح عليك بعض الأشياء.
ما هي الاستخدامات الأخرى للويب التكافلي 4.0؟
عن طريق الويب الجديد يمكن لمساعدك الافتراضي أن يتنبأ بمرضك، أو بحالتك النفسية وينصحك بزيارة الطبيب بناء على البيانات التي جمعها عنك (عدد ساعات نومك، عملك، المواقع التي تتصفحها، عاداتك الغذائية …)، كما يمكنه أن يقترح عليك أماكن لزيارتها ليس بناء على ما يرغب به المعلنون، ولكن بناء على المعطيات المتوفرة حولك ومدى تناسبها مع جنسك وسنك وميزانيتك، وأوقات عملك…
من جانب آخر سيغير الويب 4.0 قطاعي الأعمال والطب؛ حيث ستتم إضافة علامات RFID إلى المنتجات لتعزيز تجارب العملاء.
بالإضافة إلى ذلك، ستدعم الشبكة التكافلية تطوير “المباني الذكية”؛ إذ يمكن للربط بين المبنى والآلة تلبية احتياجات المستخدمين.
كما سيتغير المجال الطبي بشكل كبير؛ حيث سيتطور بشكل لافت بفضل الاتصال بين الإنسان والآلة، مما سيعزز قدرة المرضى على الشفاء باستخدام الأنظمة التكافلية.
سيدعم الويب التكافلي إنترنت الأشياء بصفة عامة، وهذا كنا قد تحدثنا عنه في مقال سابق بعنوان:
إنترنت الأشياء .. ماذا تحقق وماذا ينتظرنا ؟
في الختام، يمكن القول إن الإمكانات الكبيرة التي سيوفرها الويب 4.0 قد تحقق جزء هام منها، وهذا نجده مع برنامج الدردشة الكتابي شات جي بي تي والمساعد الافتراضي Siri أو Cortana أو Google Now؛ حيث باتت هاته البرامج قادرة على فهم اللغة البشرية بشكل أفضل مع تحسن واضح نلمسه يوما بعد يوم بفضل أنظمة التعلم الآلي.
وفي الوقت نفسه، تتم معالجة “البيانات الضخمة” بكفاءة أكبر، حيث يتم ربط جميع المعلومات التي تم الحصول عليها عبر مصادر متعددة.
باختصار ستحدث الشبكة الجديدة ثورة في حياة الناس اليومية، من خلال إنشاء اتصالات بين الإنسان والآلة، الأمر الذي سيجعل منها وبدون منازع مستقبل العالم.
اقرأ أيضا:
