تكنولوجيا

“طوفان القراصنة”: هجمات سيبرانية ضد الأنظمة الإسرائيلية واضطرابات في القطاع التكنولوجي

بينما لجأ بعض مناصري القضية الفلسطينية إلى التعبير عن دعمهم للمقاومة في غزة عن طريق الوقفات التضامنية في مختلف بلدان العالم، أو من خلال رسائل الدعم على منصات التواصل الاجتماعي، فضل آخرون شن هجمات سيبرانية للتشويش أو تعطيل أنظمة الحكومة الإسرائيلية.

فإلى جانب الحرب الميدانية التي اندلعت منذ يوم السبت، نشأت بشكل موازي حرب سيبرانية لا تقل خطورة عن الحرب الحقيقية، ويبقى الاختلاف فقط في نوع الأسلحة المستخدمة.

في هذا السياق، تم الإبلاغ عن مجموعة من الهجمات السيبرانية التي نفذها نشطاء القرصنة ضد إسرائيل، وقد كان معظمها على شكل هجمات من نوع حجب الخدمة أو ما يسمى أيضا بالحرمان من الخدمات، ويُطلق عليها “DDoS”.

قد يهمك: أبجديات الأمن السيبراني لغير المتخصصين

“طوفان القراصنة”: هجمات سيبرانية متوالية

استهدفت هذه الهجمات الإلكترونية كلا من الحكومة وبعض المنظمات ووسائل الإعلام التي تشترك في كونها تابعة لإسرائيل. في هذا الصدد، كان من المستحيل، مساء يوم الأحد، الاتصال بالموقع الإسرائيلي “gov.il” جراء تعرضه لهجوم سيبراني نفذته مجموعة القرصنة الروسية كيلنيت Killnet.

فبعد تعطيل الموقع ظهرت مجموعة Killnet برسالة على منصة تلغرام تتحمل بموجبها المسؤولية الكاملة عن هذا الهجوم. كما تركت رسالة على الموقع المخترق تقول فيها: “أيتها الحكومة الإسرائيلية، أنت مسؤولة عن إراقة الدماء هذه. في عام 2022، دعمت النظام الإرهابي في أوكرانيا. لقد خنت روسيا. اليوم، تبلغك Killnet رسميًا بهذا! جميع الأنظمة الحكومية في إسرائيل ستكون عرضة لهجماتنا!”.

وأضاف الهاكرز، لاحقا على منصة تلغرام، أن المجموعة لا تستهدف المواطنين الإسرائيليين العاديين، بل إن هدفها هو “النظام” الذي “باع نفسه لعاهرة الناتو، نفس الإرهابي الرئيسي، تحت شعار السلام والدفاع!”.

وزادت المجموعة، مشيرة إلى حيادها، أن “الفظائع التي ترتكبها حماس أو إسرائيل ضد المدنيين فظيعة! نحن نستبعد إمكانية مهاجمة البنية التحتية الحيوية لكلا الجانبين!”.

من جهة أخرى، نفذت مجموعة Anonymous Sudan، التي يُقال إنها روسية، مجموعة من الهجمات الإلكترونية التي شمل نطاقها موقع صحيفة جيروزاليم بوسط، مما أدى إلى تعطيل الموقع يوم الأحد.

إلى جانب ذلك، زعمت Anonymous Sudan، يوم السبت، أنها استهدفت القبة الحديدية الإسرائيلية، وهو نظام الدفاع الجوي المتنقل لاعتراض الصواريخ والقذائف قصيرة المدى، وقالت أيضا إنها هاجمت تطبيقات التنبيه في إسرائيل.

في السياق نفسه، أفادت عدة تقارير أن مجموعة القرصنة الإلكترونية المؤيدة للفلسطينيين AnonGhost استغلت ثغرة أمنية في تطبيق التنبيه الصاروخي RedAlert، المستخدم على نطاق واسع في إسرائيل، وأرسلت تهديدا زائفا بشأن شن هجوم نووي يقول إن “القنبلة النووية قادمة”.

وفي باكستان، قالت المجموعة التي تحمل اسم “Team Insane PK” إنها اخترقت محطة للطاقة الكهرومائية في إسرائيل وكانت تخطط لنشر البيانات في وقت لاحق.

حرب سيبرانية تستهدف كلا الطرفين .. وأطراف ثالثة

لحد الساعة، يمكن ملاحظة أن إسرائيل تتعرض لهجوم سيبراني مكثف من طرف المتعاطفين أو المؤيدين للقضية الفلسطينية، لكن هذا لا يمنع أن فلسطين نفسها تتعرض لمجموعة من الهجمات الإلكترونية تنفذها إما جهات مؤيدة لإسرائيل أو جهات محايدة تستهدف كلا الطرفين بدعوى رفض الحرب وقتل المدنيين.

هذا فضلا عن التهديدات السيبرانية التي تلاحق بعض الحكومات التي أعربت عن دعمها لإسرائيل من طرف بعض نشطاء القرصنة المؤيدين للمقاومة الفلسطينية.

في هذا الصدد، قالت شركة Group-IB، وهي شركة للأمن السيبراني مقرها سنغافورة، يوم الأحد، إن “مجموعات تهديد مختلفة دخلت الصراع بين إسرائيل وحماس”.

وأضافت الشركة، في منشور على منصة X: “لقد رأينا أن مجموعات التهديد تدخل المعركة وتشن هجمات على المواقع الحكومية وأنظمة تكنولوجيا المعلومات وسط تصعيد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”.

في هذا السياق، قالت مجموعة ThreatSec، التي لم تعلن أي ولاء لأي طرف وتعمل على مهاجمتهما معا، “كما تعلمون، نحن لا نحب إسرائيل، ولكن… نحن أيضا لا نحب الحرب! يا إلهي، كما هاجمنا إسرائيل في الماضي، فإننا نهاجم الآن منطقة غزة، حيث يتمركز العديد من مقاتلي حماس!”.

وزعمت المجموعة، في منشور على منصة تلغارم، أنها أغلقت تقريبا كل خادم تملكه Alfanet.ps، بما في ذلك Quintiez Alfa General Trading، وهي واحدة من أكبر مزودي خدمات الإنترنت في قطاع غزة.

من جهة أخرى، تم تسجيل بعض التحركات من طرف مهاجمين سيبرانيين موالون لإسرائيل، في هذا الصدد، تم، يوم الأحد، إغلاق الموقع الرسمي لحركة حماس، على يد مجموعة قرصنة تُدعى “India Cyber ​​Force”.

ومن المتوقع تكثيف الهجمات السيبرانية في الأيام القادمة من طرف مؤيدي كلا الطرفين، ويبدو أن أنظمة التحكم الصناعية (ICS)، وهو نظام محوسب يستخدم لمراقبة وإدارة الآلات والعمليات في الصناعات لضمان عملها بفعالية وأمان، ستكون من أكثر الأنظمة المستهدفة بهذه الهجمات، خاصة أن العديدة منها مكشوفة مما يجعلها عرضة لخطر الاختراق.

في هذا الصدد، أبرز مانتاس ساسناوسكاس، رئيس فريق أبحاث Cybernews، أن العديد من نشطاء القرصنة يلاحقون مختلف أنظمة ICS في محاولة لتعطيل البنية التحتية الحيوية وجذب الانتباه الدولي.

وأضاف أن الهجوم السيبراني على البنية التحتية الحيوية يمكن أن يكون له تداعيات خطيرة، بما في ذلك الاضطرابات التشغيلية، ومخاطر السلامة، والتكاليف الاقتصادية، والإضرار بالسمعة، وبالتالي يجب أن يكون الأمن السيبراني أولوية قصوى في المنظمات التي تديرها.

غير أن التحليل الذي أجراه فريق أبحاث Cybernews يُظهر أن العديد من أنظمة (ICS) مكشوفة لدى كلا طرفي الصراع، ويمكن للجهات الفاعلة في مجال الهجمات السيبرانية الاستفادة بسهولة من هذه الممارسات الأمنية غير الدقيقة.

وإذا تركت هذه الأنظمة عرضة للخطر، فقد تصبح هدفا مباشرا للمهاجمين السيبرانيين، ويمكن أن تكون عواقب هذه الاختراقات كارثية، مع احتمال حدوث تعطيل كبير لشبكات الكهرباء، أو التدخل في العمليات الكيميائية، أو حتى تعريض السلامة العامة للخطر من خلال تخريب أنظمة النقل.

اضطرابات قطاع التكنولوجيا في إسرائيل

كانت الصناعات ذات التقنية العالية على مدى بضعة عقود هي القطاع الأسرع نموا في إسرائيل والعامل الأكثر حسما في النمو الاقتصادي، قبل أن تتراجع أسعار الأسهم والسندات الإسرائيلية وتغلق الكثير من الشركات أبوابها ابتداء من يوم الأحد.

في هذا السياق، قال جاك أبلين، كبير مسؤولي الاستثمار والشريك المؤسس في شركة Cresset Wealth Advisors، إن تغيير كبير يحدث في السير المعتاد للعمل. وأضاف أنه على المدى القصير يمكن تحويل الموارد إذا اتسع الصراع، مثل استدعاء الموظفين في شركات التكنولوجيا كجنود احتياط عسكري.

من جانبه، قال كوينسي كروسبي، كبير الاستراتيجيين العالميين في LPL Financial في شارلوت بولاية نورث كارولينا، إنه من المحتمل أن يكون هناك “جهد هائل” لحماية المنشآت المادية للشركات الموجودة في إسرائيل من الهجمات؛ لأن بعض الإنفاق التكنولوجي مرتبط بالجيش.

وقال متحدث باسم شركة Intel Corp لصناعة الرقائق، وهي أكبر شركة خاصة ومصدرة في إسرائيل، يوم الأحد، إن الشركة “تراقب الوضع في إسرائيل عن كثب وتتخذ خطوات لحماية ودعم عمالنا”.

فيما أعلنت شركة إنفيديا، أكبر شركة في العالم لتصنيع الرقائق المستخدمة في الذكاء الاصطناعي والرسومات الحاسوبية، أنها ألغت قمة الذكاء الاصطناعي التي كان من المقرر عقدها في تل أبيب الأسبوع المقبل.

وبالتالي من المنتظر أن تتأثر الاستثمارات في القطاع التكنولوجي بشكل كبير جراء التطورات التي تشهدها الأحداث الحالية، علما أن قطاع التكنولوجيا في إسرائيل كان يواجه بالفعل تباطؤا ملحوظا خلال عام 2023، نتيجة الصراع السياسي الداخلي والاحتجاجات، قبل اندلاع الصراع الحالي الذي لم يكن منتظرا.

فيما يرى البعض أنه من الممكن أن يشهد قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في إسرائيل زيادة في الاستثمار بسبب الارتباط الوثيق بين الصناعات والإنفاق العسكري.

في هذا الصدد، قال كروسبي، كبير الاستراتيجيين في LPL، إنه “من المحتمل أن يزيدوا الاستثمار في الذكاء الاصطناعي؛ فعندما يتم القبض على دولة ما على حين غرة، فإن أول ما ينظرون إليه، إلى جانب المشاكل الواضحة في الاستخبارات، هو ما غاب عن الأنظمة الأمنية”.

وأضاف كروسبي أنه يمكن أن تؤدي هذه الأحداث إلى تعزيز دعم الموارد المالية للتكنولوجيا العسكرية، والتي تنتقل في النهاية إلى شركات التكنولوجيا في القطاع الخاص.

تجدر الإشارة إلى أن قادة الدفاع الإسرائيليون يواجهون تساؤلات متزايدة حول كيفية نجاح عملية “طوفان الأقصى” في بلد يعتبر جهاز مخابراته من أفضل الأجهزة في العالم.

ويذكر أيضا أن إسرائيل متورطة بشكل مباشر في الجدل السيبراني الذي نشأ بسبب برنامج التجسس Pegasus التابع لشركة NSO، والذي تم استخدامه للتجسس على المعارضين السياسيين والصحفيين والحقوقيين وقمع الأصوات المعارضة في جميع أنحاء العالم.

المصدر: سايبر نيوز

اقرأ أيضا:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى