مال وأعمالاقتصاد

لماذا أصبحت مهنة community manager أكثر صعوبة؟

يسود اعتقاد خاطئ مفاده أن مهنة community manager أو ما يسمى بالعربية مدير مجتمع مهمة سهلة بل نوع من أنواع الترفيه، بما أنها لا تتطلب سوى قضاء بعض الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي.

يتبنى هذه الفكرة الخاطئة كلا من الموظفين وأرباب العمل؛ فبعض الأشخاص الذين يفكرون في مزاولة هذه المهنة غالبا ما يستهينون بها إلى أن يجدوا أنفسهم أمام واقع مختلف تماما عما توقعوا.

ومن جهة أخرى، فإن أصحاب الشركات نادرا ما يقدرون المجهود الذي يقوم به الموظف المكلف بهذه المهمة، مما يؤثر سلبا على الرواتب والتحفيزات، وأيضا الميزانية المخصصة لهذا الغرض.

تعود جدور هذا الاعتقاد الخاطئ إلى بدايات ظهور مهنة community manager، فقبل أكثر من 10 سنوات تقريبا، لم تكن مهمة مدير مجتمع بهذه الصعوبة التي أصبحت عليها بعد سنة 2023؛ إذ لم تكن المنافسة بهذه الحدة، ولم تكن محتويات السوشل ميديا بهذا الحجم والتنوع المدهش…

لماذا لم يعد من السهل ممارسة مهنة community manager؟

عموما، لم تعد مهنة community manager سهلة وفي متناول أي كان، لكن هناك العديد من العوامل التي تحدد مدى سهولة أو صعوبة هذه المهمة.

إذ يعتمد ذلك أولا وبشكل كبير على قدرات ومهارات المسؤول هذه المهمة، ثم نوع وحجم المهام التي يطلبها منه رئيسه في العمل والأهداف المطلوب تحقيقها، وأخيرا الموارد المادية والمالية المتاحة.

هذا بالإضافة إلى عوامل أخرى مرتبطة ببيئة العمل والفريق الذي نشتغل إلى جانبه، ومدى تقدير واقتناع رب العمل بأهمية هذا النوع من أساليب التواصل والدعاية الحديثة نسبيا وانفتاحه على التجديد والابتكار والإبداع…

ما هي أهم الأسباب التي تجعل community manager مهنة صعبة؟

تتعدد وتختلف العوامل التي تجعل دور ومهمة الـ community manager أكثر صعوبة مقارنة بالسنوات السابقة، وربما ستصبح أيضا أكثر تعقيدا في السنوات القليلة المقبلة.

السبب الرئيسي وراء هذه التعقيدات يعود أساسا إلى التطورات المتتالية التي تعرفها منصات السوشل ميديا والتحديث المستمر في أدوات وتقنيات الاشتغال، وحدة المنافسة، فضلا عن اقتحام الذكاء الاصطناعي لهذا المجال.

وفيما يلي سنتوقف عند أهم صعوبات الـ community management:

إغراق السوشل ميديا بالمحتويات:

عام بعد آخر يتضاعف حجم المحتوى المنشور على منصات التواصل الاجتماعي، ويشمل ذلك كل الأنواع والقوالب بما في ذلك مقاطع الفيديو والصور والنصوص والرسومات البيانية وغيرها.

كل ذلك يساهم في تقليص فرص ظهور محتوى الـ community manager وسط هذا الطوفان من المحتويات المتنوعة التي تعتمد في كل مرة طرقا مبتكرة ومغرية لجذب رواد هذه الشبكات.

لذا يجب على المكلف بهذه المهمة مضاعفة مجهوداته وتطوير أدوات وأساليب اشتغاله باستمرار ليواكب كل جديد ويجد مكانا له وسط هذا الكم الهائل من المحتوى.

يشكل هذا العامل العقبة الأولى التي يواجهها الـ community manager اليوم خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي الأكثر شعبية ومنافسة، الأمر الذي يتطلب إعداد استراتيجية دقيقة وتحديد أهداف واضحة كي لا تضيع الموارد والمجهودات.

قيود الميزانية:

تعد القيود التي تفرضها الميزانية المخصصة لهذه المهمة من التحديات الرئيسية للـ community manager، فمن المعروف أن جميع المؤسسات تحاول ما أمكن خفض التكاليف مهما كان نوعها وخاصة المتعلقة بالتواصل والدعاية.

هذا يعني غياب أو تقليل كل الأساليب الدعائية المدفوعة كالإعلان عبر الأنترنت أو السوشل ميديا (sponsoring)، إضافة إلى عدم إمكانية الاشتراك أو شراء مجموعة من الأدوات والبرامج المخصصة لتعزيز التفاعل وجلب الزوار والمشاهدين…

وبالتالي، يجد المكلف بـ community management نفسه مضطرا إلى تقديم أفضل أداء بأقل التكاليف الممكنة، وذلك اعتمادا فقط على بعض الأساليب التي لا تتطلب الدفع أو الاشتراك، وعلى بعض البرامج والتطبيقات المتاحة مجانا، ثم على إبداعه وسعيه المستمر إلى التميز.

صعوبة الحفاظ على وفاء مستخدم السوشل ميديا:

لم يعد من السهل كسب وفاء مستخدمي السوشل ميديا والإنترنت عموما، وحتى عندما تنجح في جذبهم إلى المحتوى الذي تعرضه، فإنه من الصعب أن تحافظ على وفائهم بشكل دائم.

يتحول اهتمام مستخدم السوشل ميديا بسهولة وسرعة من علامة تجارية إلى أخرى، ومن مؤسسة إلى أخرى… إنه يبحث دائما عن التنوع وعن كل ما هو جديد، لذا تجده دائما معرضا للاستقطاب من طرف المنافسين.

وبالتالي فإن كسب وفاء المستخدم والحفاظ عليه ليس مهمة محددة بوقت أو زمن معين، بل هو عمل مستمر ودائم لا يقبل التوقف مهما ظننت أنك ناجحا، فلا يوجد مستخدم وفي إلى الأبد.

community manager
يجب على الـ community manager أن يقوم بتقييم دوري لكل منشور من أجل تحديد مكامن القوة والضعف، وبالتالي تحسين المحتوى باستمرار. Image par Photo Mix de Pixabay

لذا، يجب على community manager أن يراقب بشكل دوري معدل نجاح أو فشل التفاعل مع كل منشور، وأن ينطلق دائما من رغبات وميولات جمهوره لصناعة محتوى يحظى برضاه وإعجابه، من أجل خلق علاقة وفاء أكثر قوة ودواما.

منافسة شديدة:

تتزايد حدة المنافسة في هذا المجال يوما بعد يوم، سواء بين المهنيين المتخصصين في الـ community management، أو بين المحتويات التي ينشرونها.

وتكون المنافسة أشد عندما يتوفر لدى المنافسين الموارد المالية والمادية الكافية للاستخدام أحدث الأدوات والبرامج، والاستعانة بالإعلانات المدفوعة أو الترويج للمنتجات والخدمات بواسطة كبار المؤثرين.

وبالتالي يجب أن تطور نفسك باستمرار وأن تكون مواكبا لكل جديد في هذا المجال، بالإضافة إلى السعي الدائم للتميز واكتساب مهارات جديدة عبر التكوين الذاتي والتكوين المستمر.

وذلك لتسهيل مهمتك وتحسين موقعك بين المنافسين، وأيضا كي تصبح محط اهتمام الشركات والمؤسسات الكبرى المستعدة لدفع رواتب محترمة جدا مقابل الحصول على خدمات community manager محترف.

تفاعل محبط:

قد تخصص وقتا وجهدا كبيرين لإعداد المحتوى، وخاصة المحتوى المكتوب، لتجعله قيما وذا جودة عالية، وبالتالي ستنتظر تفاعلا يتناسب مع حجم المجهود المبذول.

لكن النتائج في بعض الأحيان تكون مخالفة تماما لتوقعاتك بل محبطة؛ لأنها لا تلقى الاهتمام والإقبال المتوقع. وتزيد هذه المشكلة حدة عندما يتعلق الأمر بالمحتوى المكتوب؛ لأن رواد هذه المواقع نادرا ما يتوقفون عند منشور ما لقراءته وفي أحسن الحالات لا يواصلون القراءة بعد السطر الأول.

ويعود السبب في ذلك إلى تفضيلهم للصور ومقاطع الفيديو، ومع ذلك يمكن ألا تلقى بدورها التفاعل المطلوب، لذا لا يجب أن يشكل لك هذا الأمر مصدر إحباط؛ لأنه وارد جدا ويمكن تجاوزه.

الأهم هو ألا تتراجع وتحاول في كل مرة تجربة طرق وأساليب جديدة، اعتمادا على التقييم الدوري الذي يجب أن تقوم به لكل منشور من أجل تحديد مكامن القوة والضعف، وبالتالي تحسين المحتوى باستمرار.

إن علمك المسبق بهذا النوع من المشاكل سيجنبك الإحباط والفشل، ويجعلك مستعدا لتقبل وتجاوز بعض الإخفاقات التي تحدث بشكل عادي في مجال community management وخاصة في البدايات.

اقرأ أيضا:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى